للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قولُه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فمن شاء فلْيَصُمْه، ومن شاء فلْيُفْطِرْه". فإنَّ هذه إباحَةٌ ورَدَتْ بعدَ وُجُوبٍ؛ وذلك أنَّ طائِفَةً من العلماء قالوا: إنَّ صومَ يومِ عاشُوراء كان فَرْضًا ثم نُسِخ بشهرِ رمضانَ، فلهذا ما أخْبَرَهم بهذا الكَلام. واحْتَجُّوا بحديثِ الزُّهريِّ، عن عروةَ، عن عائشةَ، قالت: كان صيامُ يوم عاشوراء قبلَ أن يَنْزِلَ رمضانُ، الحديثَ؛ روَاه ابنُ عيينةَ وجماعَةٌ، عن ابنِ شهابٍ (١). وقد ذكَرْنا عن ابنِ شهابٍ في بابِ حديثه عن عروةَ في المواقِيتِ (٢)، أنَّه قال (٣): فُرِضَ الصِّيامُ بالمدِينَةِ قبلَ بدرٍ. يَعْني صِيامَ شهرِ رمضان.

حَدَّثَنَا عبدُ الوارِثِ بنُ سفيانَ، قال: حَدَّثَنَا قاسِمُ بنُ أصبغَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ الجَهْمِ، قال: حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ أبي حَفْصَةَ، عن ابنِ شهابٍ، عن عروةَ، عن عائشةَ، قالت: كانوا يصومون عاشُورَاء قبلَ أن يُفْرَضَ رمضانُ، وكان يومًا تُسْتَرُ فيه الكعبةُ، فلمَّا فرَضَ اللهُ رمضانَ قال رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن شاء أن يصومَه فلْيَصُمْه، ومن شاء أن يَتْرُكَه فلْيَتْرُكْه" (٤).


(١) أخرجه البخاري (١٥٩٢) من طريق عُقيل بن خالد، ومن طريق محمد بن أبي حفصة، و (٢٠٠١) من طريق شعيب بن أبي حمزة، والبخاري (٤٥٠٢)، ومسلم (١١٢٥) من طريق سفيان بن عيينة، ومسلم (١١٢٥) من طريق يونس بن يزيد، خمستهم عن الزهري، به.
وأخرجه البخاري (١٨٩٣)، ومسلم (١١٢٥) من طريق عراك بن مالك، والبخاري (٢٠٠٢)، ومسلم (١١٢٥) من طريق هشام بن عروة، كلاهما عن عروة بن الزبير، به نحوه.
(٢) يعني عند شرح الحديث الأول في الموطأ ١/ ٣٣، وهو حديث عروة بن الزبير لما أخّر عمر بن عبد العزيز الصلاة يومًا.
(٣) في م: "أنه كان قد".
(٤) أخرجه البخاري (١٥٩٢) من طريق عبد الله بن المبارك، عن محمد بن أبي حفصة، بهذا الإسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>