للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رُوِيَ هذا الحديثُ من غيرِ طريقِ مالكٍ، ومن غيرِ طريق ابنِ شهابٍ مسندًا، من وجوهٍ ثابتةٍ، عن أبي هريرةَ، من حديثِ أبي صالح، عن أبي هريرةَ (١).

ومعنَى هذا الحديثِ عندي، واللهُ أعلمُ، أنَّه أرادَ: علَّمْني ما ينفعُني بكلماتٍ قليلةٍ؛ لئلَّا أنْسَى إنْ أكثرْتَ عليَّ. فأجابَه بلفظٍ يسيرٍ جامع لمعانٍ كثيرةٍ خطيرة. ولو أرادَ: علِّمْني كلماتٍ من الذِّكرِ، ما أجابَه بمثلِ ذلك الجوابِ، وإنَّما أرادَ: علِّمني بكلماتٍ يسيرة، واللهُ أعلمُ.

ومن طُرِق هذا الحديثِ متَّصلًا ما حدَّثني به خلفُ بنُ القاسمِ الحافظ، قال: حدَّثنا أبو محمدٍ سعيد (٢) بنُ أحمدَ بنِ جعفرٍ الفِهْريُّ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ سعيدِ بنِ الحكمِ بنِ أبي مريمَ، قال: حدَّثنا عمرُو بنُ أبي سلمةَ، قال: حدَّثنا صدقةُ بنُ عبدِ الله، عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه، عن الأحنفِ بنِ قيسٍ، عن عمِّه، أنَّه قال: يا رسولَ الله، قلْ لي قولًا ينفعُني اللهُ به، وأقلِلْ لي؛ لعلِّي أعقِلُه. قال: "لا تَغْضَبْ". فأعاد عليه مرارًا، كلُّها يرجِعُ إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَغضَبْ" (٣).


= وأخرجه عبد الرزاق (٢٠٢٨٦)، وأحمد ٣٨/ ٢٣٦ (٢٣١٧١)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (٣١٥)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (٧٢٥٠)، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ١٠٥ من طريق معمر بن راشد.
وأخرجه ابن أبي شيبة (٢٥٨٩٥)، وأحمد ٣٨/ ٤٥٤ (٢٣٤٦٨)، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب (٢٣٦٤) من طريق سفيان بن عيينة، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٦٤/ ٤٦ من طريق الليث بن سعد، ثلاثتهم عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وذكر الدارقطني في العلل (١٩٩٢) أن يونس بن يزيد الأيلي رواه عن الزهري كذلك.
(١) سيخرجه المصنّف قريبًا.
(٢) هكذا في الأصل، وفي م: "شعبة"، محرف، وينظر: تاريخ ابن النجار ٢/ ٢٢٢، ومعجم شيوخ الذهبي ٢/ ٢٣٣.
(٣) حديث صحيح. وهذا إسناد فيه صدقة بن عبد الله - وهو السَّمين - وعمرو بن أبي سلمة - وهو الدمشقي - وهما وإن كان فيهما كلام وضعّفهما أكثر أهل العلم، قد توبعا على هذا الحديث، فهو من صحيح حديثهما، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>