للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حدَّثنا عليُّ بنُ الحسنِ بنِ شقيقٍ، عن الحسينِ بنِ واقدٍ، عن الأعمشِ، عن أبي صالح، عن أبي هريرةَ، أنَّ رجلًا أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: دُلَّني على عملٍ إذا عمِلتُه دخلتُ الجنةَ. قال: "لا تَغضَبْ" (١).

قال أبو عُمر: هذا من الكلامِ القَليلِ الألفاظِ، الجامعِ للمعاني الكثيرة، والفَوائدِ الجَليلةِ، ومَن كظَم غيظَه، وردَّ غضبَه، أخزَى شيطانَه، وسلِمتْ لهُ (٢) مُروءتُه ودينُه، ولقد أحسنَ القائلُ (٣):

* لا يُعْرَفُ الحِلْمُ إلَّا ساعَةَ الغضَبِ *

وقال عليُّ بنُ ثابت (٤):

العَقْلُ آفَتُه الإعْجابُ والغَضَبُ ... والمآلُ آفَتُه التَّبْذِيرُ والنهبُ

وقال أبو العتاهية (٥):

ولم أرَ في الأعْداءِ حينَ اختبرتهم (٦) ... عَدُوًّا لعَقْلِ الرءِ أعْدَى من الغَضَبْ

وكلُّ هؤلاء إنَّما حاوَلوا ودندَنوا حولَ معنَى هذا الحديثِ، وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أُوتيَ جوامعَ الكلم - صلى الله عليه وسلم -.


(١) تقدم تخريجه قريبًا جدًّا.
(٢) سقطت من م.
(٣) لا يُعرف قائل هذا الشطر، وهو عَجُز بيت صدره:
مَن يَدَّعي الحِلْمَ أغضِبْه لِتعرِفَهُ
وقد ذكره أبو الحسن الماوردي في أدب الدنيا والدين ص ٢٥٦.
(٤) وذكره المصنّف أيضًا في جامع بيان العلم وفضله ١/ ٤٤٥ (٦٩٢) لكنه ذكره بلفظ: العلم، بدل: العقل.
(٥) البيت في ربيع الأبرار للزمخشري ٢/ ٢٢٠، وفي نهاية الأرب للنويري ٦/ ٩٥، والمستطرف للأبشيهي ١/ ٢٠١.
(٦) في م: "خبرتهم"، والمثبت من الأصل، وهو الذي في مصادر التخريج.

<<  <  ج: ص:  >  >>