للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلَّى الناسُ معَهُ، ثم نَزَلَ فصَلَّى، فصَلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وصَلَّى الناسُ معَهُ حتى عَدَّ خمسَ صلواتٍ فقال لهُ عمرُ: انظر ما تقولُ يا عروةُ (١)، أو إنَّ جبريلَ هو أقامَ وقتَ الصلاة؟ فقال عروةُ: كذلك كان بشيرُ بنُ أبي مسعودٍ يُحدِّثُ عن أبيه.

وبِهذا الإسنادِ عندَنا مُصنَّفُ عبدِ الرَّزاقِ، ولنا - والحمدُ لله - فيه إسنادانِ غيرُ هذا، مذكوران في موضعِهِما (٢).

فقد بان بِما ذكَرنا مِن روايةِ الثقاتِ عن ابنِ شهابٍ لهذا الحديثِ اتصالُه، وسماعُ ابنِ شهابٍ له مِن عروةَ، وسَماعُ عروةَ مِن بشيرٍ. وبانَ بِذلك أيضًا أنَّ الصَّلاةَ التي أخَّرَها عمرُ هي صلاةُ العصرِ، وأنَّ الصَّلاةَ التي أخَّرَها المغيرةُ هي تلك أيضًا.

وبانَ بِما ذكَرنا أيضًا أنَّ جبريلَ صلَّى بِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الخمسَ صلواتٍ في أوقاتِهِنَّ، وليس في شيءٍ مِن معنى حديثِ ابنِ شهابٍ هذا ما يدلُّ على أنَّ جبريلَ صلَّى بِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مرتينِ؛ كلَّ صلاةٍ في وقتين.

وظاهرُ حديثِ ابنِ شهابٍ هذا يدلُّكَ على أنَّ ذلك إنَّما كانَ مرَّةً واحدةً لا مرتينِ، وقد رُويَ من غيرِ ما وجهٍ في إمامةِ جبريلَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه صلَّى به مرَّتينِ كلَّ صلاةٍ من الصلواتِ الخمسِ في وقتينِ، وسنذكرُ الآثارَ المَرْوِية (٣) في ذلك؛ ليَبينَ ما ذَكرنا إن شاءَ اللهُ.

وروايةُ ابنِ عُيَينةَ لهذا الحديثِ عن ابنِ شهابٍ، بِمثلِ معنى حديثِ اللَّيثِ ومن ذكَرنَا معه في ذلك (٤). وفي حديثِ معمَرٍ وابنِ جُريج: أنَّ الناسَ صَلَّوا خلفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حينَئذٍ، وقد رُويَ ذلك مِن غيرِ حديثهِما، فاللهُ أعلمُ.


(١) هكذا جاء النص في الأصل، وفي المطبوع من المصنف: "فصَلَّى الناس خمس مرات بقوله يقوله. ثم قال: هكذا أُمِرتَ، فقال عمر لعروة: أعلم ما تقول".
(٢) من أول الفقرة إلى هنا لم يرد في ج.
(٣) في م: "والرواية"، والمثبت من الأصل، وهو الصواب.
(٤) شبه الجملة "في ذلك" لم يرد في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>