للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُبَّما أخَّرَها حينَ يشتَدُّ الحرُّ، ورأيتُه يُصلِّي العصرَ والشمسُ مُرتفعةٌ بيضَاءُ قبلَ أن تدخُلَها الصُّفرةُ، فينصَرِفُ (١) الرجلُ من الصلاة فيأتي ذا الحُليفَةِ قبلَ غُروبِ الشمسِ، ويصلِّي المغرِبَ حينَ تَسقُطُ الشمسُ، ويصلِّي العشاءَ حينَ يَسْوَدُّ الأُفُقُ، ورُبَّما أخَّرَها حتى يجتمِعَ الناسُ، وصلَّى الصُّبحَ مَرةً بِغَلَسٍ، ثم صلَّى مرَّةً أُخرَى فأسفَرَ بِها، ثم كانت صَلاتُه بعدَ ذلك التَّغليسَ حتى ماتَ، لم يَعُدْ بعدُ إلى أنْ يُسفِرَ.

قال أبو داودَ (٢): رَوى هذا الحديثَ عن الزُّهريِّ مَعمَرٌ، ومالِكٌ، وابنُ عُيَينةَ، وشُعيبُ بنُ أبي حَمزَةَ، واللَّيثُ بنُ سَعدٍ, وغيرُهم، لم يَذكُرُوا الوقتَ الذي صلَّى فيه، لم يُفَسِّروه. وكذلك أيضًا رَوَاه هشامُ بنُ عُروةَ، وحَبيبُ بنُ أبي مَرزُوقٍ، عن عُروةَ، نحوَ روايةِ مَعمَرٍ وأصحابِهِ، إلَّا أنَّ حبيبًا لم يذكُرْ بَشيرًا.

قال أبو عُمر: هذا كلامُ أبي داودَ، ولم يَسُقْ في كِتابِهِ روايةَ معمرٍ، ولا مَن ذكَر معه عن ابنِ شِهَابٍ لهذا الحديثِ، وإنَّما ذكرَ روايةَ أُسامَةَ بنِ زَيدٍ هذه عن ابنِ شهاب وحدَها، مِن روايةِ ابنِ وَهْبٍ، ثمَّ أردَفَها بِما ذكَرنا مِن كَلامِه. وصدَق فيما حكَى، إلَّا أنَّ حديثَ أُسامَةَ ليسَ فيه مِنَ البيانِ ما في حديثِ ابنِ أبي ذِئبٍ من تكرِيرِ الصَّلَواتِ الخمسِ مَرَّتينِ مرَّتين. وكذلك روايةُ (٣) مَعمرٍ، ومالكٍ، واللَّيثِ ومَن تابَعهم؛ ظاهِرُها مرةً واحدةً، وليسَ فيها ما يُقطعُ به على أنَّ ذلك كذلك. وقد ذكَرنا روايةَ معمرٍ، وماللث، واللَّيثِ، وغير هم في كتابِنا هذا لِيَقِفَ الناظِرُ فيه على سياقِهِم للحديثِ، واختلافِ ألفاظِهِم فيه، فليسَ الخبرُ كالمُعايَنةِ.


(١) في م: "ينصرف" وهو تحريف، والمثبت من النسخ، وهو الذي في سنن أبي داود.
(٢) في سننه بإثر الحديث (٣٩٤).
(٣) من هنا قفز نظر ناسخ ج إلى قوله: "رواية معمر" الآتي فسقط ما بينهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>