للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمسِ. ولا نعلمُ أحدًا من المسلمين تأخَّرَ بإقامَةِ المغرِبِ في مسجدِ جماعةٍ عن وقتِ غُروبِ الشمسِ، وفي هذا ما يَكفي، مع العملِ بالمدينةِ، في تعجيلِها.

قال أبو عُمر: لو كان وقتُها واسِعًا لعمِلَ المسلمونَ فيها كعَملِهم في العِشاءِ الآخرةِ وسائِرِ الصَّلواتِ؛ من أذانِ واحدٍ من المُؤذِّنينَ بعدَ واحدٍ، وغيرِ ذلك منَ الاتِّساعِ في ذلك. وفي هذا كلِّه دليلٌ واضحٌ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَزلْ يُصلِّيها وقتًا واحدًا إلى أن ماتَ - صلى الله عليه وسلم -، ولو وسَّع عليهم لتَوسَّعوا؛ لأنَّ شأنَ العُلماءِ الأخذُ بالتَّوسعةِ، إلَّا أنَّ ضِيقَ وقتِ المغربِ ليسَ كالشيءِ الذي لا يتجزَّأُ، بل ذلك على قدْرِ عُرْفِ الناسِ؛ من إسباغِ الوُضوءِ، ولُبسِ الثَّوبِ، والأذانِ، والإقامةِ، والمَشي إلى ما لا يَبعُدُ من المسَاجدِ، ونحوِ ذلك.

وأمَّا الأحاديثُ في ذلك؛ فمنها ما حدَّثناهُ عبدُ الوارثِ بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زُهيرٍ، قال (١): حدَّثنا أحمدُ بنُ الحجَّاج، قال: حدَّثنا الفضلُ بنُ موسى، عن محمدِ بنِ عمرِو بنِ علقَمَةَ اللَّيثيِّ، عن أبي


(١) في تاريخه الكبير المعروف بتاريخ ابن أبي خيثمة: السِّفر الثالث ١/ ١٧٧ - ١٧٨ (٤٢٤)، وفي أخبار المكِّيِّين من تاريخه (١١٩).
وأخرجه الدارقطني في السُّنن ١/ ٤٩١ (١٠٢٧) من طريق أحمد بن الحجّاج، به.
وأخرجه النسائي في الكبرى ٢/ ٢٠٢ (١٥٢٦)، والسرّاج في حديثه ٢/ ٣٢٤ (١٣٣٥)، وفي مسنده (٩٢٧)، والطحاوي في أحكام القرآن (٢٨٢)، وفي شرح معاني الآثار ١/ ١٤٧ (٩٠٢)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٩٤، والبيهقيّ في الكبرى ١/ ٣٦٩ (١٧٩٥) من طرقٍ عن الفضل بن موسى، به.
وإسناده حسن، محمد بن عمرو بن علقمة: هو ابن وقاص الليثي، صدوق حسن الحديث كما في تحرير التقريب (٦١٨٨)، وباقي رجال إسناده ثقات، أحمد بن الحجّاج: هو البكري، أبو العباس المروزيّ، والفضل بن موسى: هو السِّيناني، أبو عبد الله المروزي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وقد سلف معنى الحديث بطرقٍ صحيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>