للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أحمدُ بنُ حنبل: أمَّا في الحضرِ، فأحبُّ إليَّ ألا تُصلَّى حتى يذهَبَ البياضُ احتياطًا، وأمَّا في السَّفرِ، فيُجزِئُه أن يُصلِّيَ إذا ذهَبتِ الحُمرةُ.

واختلَفُوا في آخرِ وقتِها؛ فالمشهُورُ من مذهبِ مالكٍ في آخرِ وقتِ العِشاءِ، في السَّفرِ والحضِر، لغيرِ أصحابِ الضَّرُوراتِ، ثُلُثُ اللَّيلِ الأوَّلِ، ويستحَبُّ لأهلِ مساجدِ الجماعةِ (١) ألَّا يُعجِّلوا بها في أوَّلِ وقتِها إذا كان غيرَ مضرٍّ بالناسِ، وتأخيرُها قليلًا أفضلُ عندَه. وروَى ابنُ وَهْبٍ، عن مالكٍ قال: وقتُها من حينِ يغيبُ الشَّفقُ إلى أن يطلُعَ الفجرُ. وهو قولُ داودَ.

وقال الثَّوريُّ، والحسنُ بنُ حيٍّ: أوَّلُ وقتِ العِشاءِ مغيبُ الشَّفقِ إلى ثُلثِ اللَّيلِ، والنِّصفُ بعدَه آخرُه.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: المُستحبُّ في وقتِها إلى ثلثِ اللَّيلِ، ويُكرَهُ تأخيرُها إلى بعدِ نصفِ اللَّيلِ، ولا تفوتُ إلَّا بطلوعِ الفجرِ.

وقال الشافعيُّ: آخرُ وقتِها أن يمضيَ ثُلثُ اللَّيلِ، فإذا مضَى ثلُثُ اللَّيلِ فلا أراها إلَّا فائِتةً. وقال أبو ثور: وقتُها من مغيبِ الشَّفقِ إلى نِصفِ اللَّيلِ (٢).

قال أبو عُمر: في أحادِيثِ إمامَةِ جبريلَ من روايةِ ابنِ عبّاس وجابر: ثُلثُ اللَّيل. وكذلك في حديثِ أبي مُوسى الأشعريِّ. وفي حديثِ أبي مسعودٍ الأنصاريِّ وحديثِ أبي هُريرة: ساعةٌ من اللَّيلِ. وفي حديثِ عبدِ الله بنِ عمرٍو: نصفُ اللَّيل. وحديثُ عليٍّ مِثلُه. وحديثُ الحكم بنِ عُتيبةَ، عن نافع، عن ابنِ عمرَ نحوُه (٣).


(١) في الأصل: "مسجد الجماعات".
(٢) تنظر جملة هذه الأقوال جميعها: في مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٩٤ - ١٩٥، والأوسط لابن المنذر ٣/ ٣٦ - ٣٩، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء لأبي بكر القفّال ٢/ ١٥.
(٣) أخرجه مسلم (٦٣٩)، وأبو داود (٤٢٠)، والنسائي (٥٣٧)، وبقيَّة الأحاديث المشار إليها قبله سلف تخريجها في أثناء شرح هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>