للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يقوموا فيه؛ لأنَّ قيامَ الناس في شهرِ رمضانَ من الأمرِ الذي لا ينبغي تركُه، وهو ممَّا سَنَّ عُمرُ بنُ الخطَّابِ للمسلمين، وجمَعهم عليه (١).

قال اللَّيثُ: فأمَّا إذا كانت الجماعةُ، فلا بأسَ أنْ يقومَ الرَّجلُ لنفْسِه في بيتِه، ولأهلِ بيتِه (٢).

وحجَّةُ مَن قال بقولِ اللَّيثِ قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بسنَّتي، وسنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين المهديِّين بعدِي" (٣). ولا يختلِفون أنَّ عمرَ منهم، رضِيَ اللهُ عنهم.

وقال قومٌ من المتأخِّرين، مِن أصحابِ أبي حنيفةَ، وأصحابِ الشَّافعيِّ؛ فمنْ أصحابِ أبي حنيفةَ: عيسى بنُ أبان، وبكَّارُ بنُ قُتيبةَ، وأحمدُ بنُ أبي عِمرانَ، ومن أصحاب الشافعيِّ: إسماعيلُ بنُ يحيى (٤) المُزَنيُّ، ومحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ عبدِ الحكم (٥)، كلُّهم قالوا: الجماعةُ في المسجدِ في قيام رمضانَ أحبُّ إلينا، وأفضلُ مِن صلاةِ المرءِ في بيتِه. واحتجُّوا بحديثِ أبي ذرٍّ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الرَّجلَ إذا قامَ مع الإمام حتى ينصرفَ حُسِبَ له قيامُ ليلةٍ". وقد ذكرنا هذا الحديثَ فيما تقدَّمَ مِن هذا البابِ (٦)، وإلى هذا ذهَب أحمدُ بنُ حنبل.

قال أبو بكرٍ الأثرمُ: كان أحمدُ بنُ حنبلٍ يُصلِّي مع الناسِ التَّراويحَ كلَّها - يعني


(١) نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣١٣.
(٢) المصدر السابق ١/ ٣١٤.
(٣) سلف تخريجه في أثناء شرح الحديث الأوّل لابن شهاب عن عروة بن الزُّبير، ص ٣٦١.
(٤) في الأصل: "إسماعيل بن أبي يحيى"، خطأ، والمثبت من بقية النسخ، وينظر: تاريخ الإسلام ٦/ ٢٩٩.
(٥) نقله عنهم الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣١٤، وينظر: المجموع شرح المهذّب للنَّووي ٤/ ٥ - ٦.
(٦) وقد سلف تخريجه قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>