للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدَّثنا عبدُ الله، قال: حدَّثنا عبدُ الحميدِ، قال: حدَّثنا الخضِرُ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ، قال: حدَّثنا مُوسى بنُ داودَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ صُبيح، عن إسماعيلَ بنِ زيادٍ، قال: مرَّ عليٌّ رضيَ اللهُ عنه على المساجدِ فيها القناديلُ في شهرِ رمضانَ، فقال: نوَّرَ اللهُ على عُمرَ قبرَه، كما نوَّرَ علينا مساجدَنا (١).

وقال أبو جعفرٍ الطَّحاويُّ (٢): قيامُ رمضانَ واجبٌ على الكفايةِ؛ لأنَّهم قد أجمعوا أنَّه لا يجوزُ للناسِ تعطيلُ المساجدِ عن قيامِ رمضانَ، فمَن فعَله كان أفضلَ ممَّنِ انفردَ، كسائرِ الفروضِ التي هي على الكفايةِ. قال: وكلُّ من اختارَ التَّفرُّدَ فينبغي أن يكونَ ذلك على ألَّا يُقْطَعَ معه القيامُ في المساجدِ، فأمَّا التَّفرُّدُ الذي يُقطعُ معه القيامُ في المساجدِ فلا.

قال أبو عُمر: القيامُ في رمضانَ تطوعٌ، وكذلك قيامُ اللَّيلِ كلِّه، وقد خشيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُفرضَ على أُمَّتِه، فمنْ أوجبَه فرضًا واقعَ (٣) ما خشيَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وكرِهَه وخافه على أُمَّتِه، وإذا صحَّ أنَّه تطوُّعٌ فقد علِمْنا - بالسُنَّةِ الثابتةِ - أنَّ التَّطوُّعَ في البيُوتِ أفضلُ، إلَّا أنَّ قيامَ رمضانَ لا بدَّ أنْ يُقامَ اتِّباعًا لعمرَ، واستدلالًا بسنَّةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فإذا قامت الصلاةُ في المساجدِ فالأفضلُ عندي حينئذٍ حيثُ تصِحُّ (٤) للمُصَلِّي نيتُه وخشوعُه وإخباتُه وتدبُرُ ما يتلُوه في صلاتِه، فحيثُ كان ذلك مع قيامِ سُنَّةِ عُمَرَ فهو أفضلُ إنْ شاءَ اللهُ، وبالله التَّوفيقُ.


(١) وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٤/ ٢٨٠، وابن الأثير في أسد الغابة ٣/ ٦٦٩ من طريق محمد بن أحمد بن أبي العوّام عن موسى بن داود الضّبِّي، به. وذكره ابن قدامة في المغني ٢/ ١٢٤ عن إسماعيل بن زياد، به.
الخضر: هو ابن داود، وشيخه أبو بكر: هو الأثرم.
(٢) في مختصر اختلاف العلماء له ١/ ٣١٥.
(٣) في م: "أوقع".
(٤) في م: "تصلح".

<<  <  ج: ص:  >  >>