قلنا: واجتماع أصحاب الزُّهريّ على قولهم: إنّ الاضطجاع كان بعد الفجر هو المحفوظ كما نصَّ عليه الحفّاظ، فقد نقل ابن القيِّم في زاد المعاد ١/ ٣١٠ عن الخطيب البغدادي قوله: "فذكر مالكٌ أن اضطجاعه كان قبل ركعتي الفجر، وفي حديث الجماعة أنه اضطجع بعدهما، فحَكَم العلماءُ أن مالكًا أخطأ وأصاب غيرُه" وعلى هذا جاء قول البيهقيِّ في الكبرى بإثر رواية مالك ٣/ ٤٤ (٥٠٨٢) فقال بعد أن عزاها لمسلم عن يحيى بن يحيى: "كذا قاله مالكٌ، والعددُ أوْلى بالحفظ من الواحد" وقال - بإثر إخراجه لحديث أبي هريرة ٣/ ٤٥ (٥٠٨٠)، إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفصِل بين ركعتيهِ من الفجر، وبين الصُّبح بضَجْعةٍ على شِقِّه الأيمنِ: "وهذا أوْلى أن يكون محفوظًا لموافقتِه سائر الروايات عن عائشة وابن عباس". وقد تابعه على هذا القول الحافظ ابن حجر، فقال في الفتح ٣/ ٤٤ بعد أن ذكر رواية مالكٍ: "فقد خالفه أصحاب الزُّهريّ عن عروة؛ فذكروا الاضطجاع بعد الفجر، وهو المحفوظ". قلنا: فيتبيَّن من ذلك أن رواية مالكٍ بالنسبة لحديث ابن شهاب شاذّة، والله أعلم. وإن كان بعضهم حاول الجمع بين روايتي الاضطجاع قبل ركعتي الفجر وبين رواية الاضطجاع بعدها لإمكان فعل الأمرين كالنَّوويِّ في شرحه لمسلم ٦/ ١٩، ولكن الأوْلى ما ذكرناه عن الحفّاظ في هذا، والله تعالى أعلم. وينظر تعليقنا على "الموطأ" برواية الليثي. وسيأتي تخريج بعض روايات أصحاب الزهريّ الذين خالفوا مالكًا في أثناء شرح هذا الباب إن شاء الله تعالى. (٢) قوله: "وعلمه بحديثه" من ج.