للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ما لا يجهلُه إلَّا مَن لا عنايةَ له بالعلم، وإنَّما حصلَ المتأخِّرونَ على علم ذلك مُذْ صار العلمُ في الكتبِ، لكنَّهم بذلك دخلَتْ عليهم الدواخلُ في حفظِهم، فليسوا في الحفظِ كالمتقدِّمينَ وإن كان قد حصلَ في كُتبِ المُقِلِّ منهم علمُ جماعةٍ مِن العلماءِ، واللّهُ يُنوِّرُ بالعلم قلبَ مَن يشاءُ.

وقد رُويَ عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آثارٌ كثيرةٌ حسانٌ في صلاةِ الضُّحَى؛ منها: حديث أُمِّ هانئ وغيرِها. فحديثُ أُمِّ هانئ مِن روايةِ مالكٍ سيأتي في موضعِه مِن كتابِنا هذا إن شاء اللهُ (١).

وأمَّا غيرُ روايةِ مالكٍ، في حديث أُمِّ هانيء، وغيرُ إسنادِه، فقَرأتُ على سعيدِ بنِ نصرٍ، أنَّ قاسمَ بنَ أصبغَ حدَّثهم، قال: حَدَّثَنَا جعفرُ بنُ محمدِ بنِ شاكرٍ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ سابقٍ، قال: حَدَّثَنَا إبراهيمُ بنُ طَهمانَ، عن أبي الزُّبيرِ، عن عكرمةَ بنِ خالدٍ، عن أُمِّ هانئ بنتِ أبي طالبٍ، أنَّها قالت: قَدِم رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الفتح، فتح مكَّةَ، فنزلَ بأعلَى مكَّةَ، فصلَّى ثمانيَ رَكَعاتٍ، فقلتُ: يا رسولَ الله، ما هذه الصلاةُ؟ قال: "صَلاةُ الضُّحَى" (٢).

ألا ترى أنَّ أُمَّ هانئ قد علِمت من صلاةِ الضُّحى ما خفِيَ على (٣) عائشةَ،


(١) أخرجه مالكٌ في الموطأ ١/ ٢١٧ (٤١٦) عن أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي مُرَّة مولى عقيل بن أبي طالب عنها. وهو الحديث الثامن لأبي النَّضر، وسيأتي تمام تخريجه ومزيدُ كلامٍ عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط ٢/ ٢٢٦ (١٨١٦)، وأبو الشيخ الأصبهاني في أحاديث أبي الزُّبير (٤٩) من طريقين عن محمد بن سابق، به.
وأخرجه ابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه (٢٠٤)، وتممام في فوائده (٢٠٧) من عبد الخالق بن إبراهيم بن طهمان عن أبيه، به.
(٣) في ف ٢: "جهلت" بدل: "خفي على".

<<  <  ج: ص:  >  >>