للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قيل: إنَّ قولَه - صلى الله عليه وسلم -: "الولَدُ للفراشِ، وللعاهرِ الحجرُ" أي: أنَّ الزانيَ لا شيءَ له في الولَدِ، ادَّعاه أو لم يدَّعِه، وألَه لصاحِبِ الفِراش دُونَه، لا ينتَفِي عنه أبدًا إلَّا بلعَانٍ في الموضِع الذي يجبُ فيه اللِّعانُ (١).

قالوا: وقولُه: "وللعاهِرِ الحجرُ" كقَوْلهم: بِفِيكَ الحجَرُ؛ أي: لا شيءَ لك. قالوا: ولم يقصِدْ بقولِه: "وللعاهِرِ الحجرُ" الرَّجْمَ، إنَّما قصَد به إلى نَفْي الولَدِ عنه، واللفظُ مُحتمِل للتأويلَيْن جميعًا، واللهُ أعلم.

ذكرَ إسماعيلُ بنُ إسحاقَ، عن ابنِ أبي أُوَيْسٍ، عن مالكٍ، في الرجلِ يَطأُ أمَتَه، وقد زَوَّجها عبدَه، فتَحْمِلُ منه، فقال مالِكٌ: يُعاقِبُه السُّلطانُ (٢)، ولا يَلْحَقُ به الولَدُ، إنَّما الولَدُ للفِرالش. وقال مرَّةً أُخْرَى: إن كان العَبْدُ ليس بغائبٍ عنها ولا معْزُولٍ، فالولَدُ له (٣). يعني للعبدِ. قال: وقال مالِكٌ في الرَّجُل يدَّعي الولدَ مِن المرأةِ ويقولُ: قد نكَحْتُها، وهي امرأتي (٤)، وهذا ولَدي منها. ولم يُعْلَمْ ذلك، قال مالكٌ: لا يجوزُ هذا في حياته ولا عندَ مماتِه إذا لم يُعْلَمْ ذلك. وقال مالِكٌ في الرجلِ يدَّعي الولَدَ المنبُوذَ بعدَ أن يُوجَدَ، فيقولُ: هو (٥) ابني. قال مالكٌ: لا يُلحَقُ به، وهذا كلُّه مِن أجلِ أنَّ الفراشَ غيرُ معلوم (٦)، واللهُ أعلم.


(١) في ج: "وهذا إجماع أيضًا من علماء المسلمين أن الزاني لا يلحقه ولد من زنى ادعاه أو نفاه"، وقد أقحمها محقق المغربية بعد القول السابق، فصار تكرارًا لا معنى له.
(٢) في ج، م: "يُعاقَب" بدلًا من قوله: "يعاقبه السلطان".
(٣) في ج، م: "إن كان العبد غاب عيبةً بعيدةً ثم وطئها السيّد فالولد له"، والمثبت من الأصل، ف ٢.
(٤) في ج، م: "وهي امرأة أو: كانت امرأتي".
(٥) في ج، م: "هذا".
(٦) في ج، م: "معروف"، وينظر: المدوَّنة ٢/ ٥٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>