للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: ٥٩]. فأُمِر النساءُ بالحجابِ، ثم أُمِرْن عندَ الخروج أن يُدنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابِيبِهنَّ، وهو القِناعُ. وهو عندَ جماعةِ العلماء في الحرائرِ دونَ الإماء.

وفيه أيضًا: أن ذوي المحارم مِن النسَبِ والرَّضاع لا يُحتَجَبُ منهم، ولا يُستَرُ عنهم إلَّا العَوراتُ، والمرأةُ في ما عَدَا وجْهَها وكفَّيْها عورةٌ، بدليلِ أنها لا يجوزُ لها كشفُه في الصلاة، وقُبلُ الرجلِ ودبُرُه عورةٌ مُجتَمَع عليها.

وقد ذكرنا اختلافَ الناسِ في الفَخِذِ مِن الرجل، وبيَّنا معانيَ العورةِ، في بابِ ابنِ شهابٍ، عن سعيدِ بنِ المسيِّبِ (١)، وفي بابِ صَفْوَانَ بنِ سُليم (٢)، وذكرنا هناك مَن (٣) يلزَمُ المرأةَ الاسْتِتارُ عنه، وزِدْنا ذلك بيانًا في بابِ هشام بنِ عروةَ، وجرَى مِن هذا المعنَى ذِكْرٌ في الباب الذي يلي هذا لابنِ شهابٍ، وأوضَحْنا في بابِ صَفْوانَ بنِ سُليم المعنَى في الاحتِجابِ والاستِئذانِ على ذواتِ المحارم جُمْلةً، وما يحِلُّ لذي المحرَم أن يَراه مِن ذاتِ محارمه، وما يَحِلُّ مِن ذلك للعَبِيدِ الذُّكورِ والإماء. والحمدُ لله.


= وقال: "واستشكله، وكذأ طعن في صحَّته جماعةٌ ممن بعده. وأُجيب بأن ابن عباس بناها على قراءته التي تلقّاها عن أبيّ بن كعب، وأمّا اتّفاق الناس على قراءتها بالسِّين؛ فلموافقة خطّ المصحف الذي وقع الاتفاق على عدم الخروج عمّا يوافقُه. وكأنّ قراءة أُبيّ من الأحرف التي تُركت القراءة بها" ثم نقل عن البيهقي قوله: "يحتمل أن يكون ذلك كان في القراءة الأولى، ثم نُسخت تلاوته؛ يعني: ولم يطّلع ابن عبّاس على ذلك".
قلنا: وعلى غرابة هذه الروايات، فإن ما ذكره الحافظ ابن حجر وما نقله عن البيهقي من توجيه ففيه نظر وتبقى هذه من الروايات الشاذّة مخالفة لما تواترت عليه الروايات في هذا الحرف، والله تعالى أعلم.
(١) سلف ذلك عند الحديث السادس لابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيِّب.
(٢) سيأتي عند الحديث الثالث له، عن عطاء بن يسار.
(٣) في ف ٢: "ما".

<<  <  ج: ص:  >  >>