للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تكونُ الرَّضاعةُ من قِبَلِ الرجالِ بحالٍ. وحُجَّتُهم أن عائشةَ كانت تُفْتي بخلافِ حديثِ أبي القُعَيْسِ، روى ذلك عنها القاسِمُ بنُ محمد، مِن روايةِ مالكٍ وغيرِه، وذلك أن القاسمَ قال: كانت عائشةُ تأذنُ لمن أرضَعه أخواتُها وبناتُ أخِيها، ولا تأذنُ لمن أرْضَعه نساءُ إخوتِها ونساءُ بني أخيها.

وروى مالكٌ (١)، عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أنها كانت تُدْخِلُ عليها مَن أرْضَعه أخواتُها وبناتُ أخِيها، ولا يَدخُلُ عليها مَن أرْضَعه نساءُ إخْوَتِها.

وروى محمدُ بنُ عمرِو بنِ علقمةَ الليثيُّ، قال: قَدِم الزُّهريُّ المدينةَ في أوَّلِ خلافةِ هشام، فذكَر أن عروةَ كان يُحدِّثُ عن عائشة، أن أبا القُعَيْسِ جاء يَستأذِنُ على عائشة، وقد أرْضَعتْها امرأةُ أخيه، فأبَت أن تَأذنَ له، فزعَم عروةُ أن عائشةَ ذكرت ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "فهلَّا أذِنْتِ له، فإن الرَّضاعةَ تُحرِّمُ ما تُحرِّمُ الولادةُ؟ ". ففزع أهلُ المدينةِ لذلك، فذكر محمدُ بنُ عمرٍو أنَّه جاء عبدَ الرحمنِ بنَ القاسِم فسَأله، فقال: أشْهَدُ على القاسم بنِ محمدٍ لكان يُحدِّثُنا أن عائشةَ كانت تَأْذَنُ لِمَن أرضَع أخوَاتُها وبناتُ أخيها عليها، ولا تَأْذَنُ لمن أرضَع نساءُ أخيها وبني أخيها (٢) (٣).


(١) الموطّأ ٢/ ١٢٢ (١٧٧٠).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٧٦٤٤)، وحرب بن إسماعيل في مسائله ١/ ٣٩٥ من طريقين عن محمد بن عمرو بن علقمة الليثي، به مختصرًا. وإسناده حسن، محمد بن عمرو بن علقمة صدوق حسن الحديث كما قال الذَّهبي، وقد وثّقه النسائيّ وابن معين في أكثر الروايات، وقال يحيى القطّان: "صالح ليس بأحفظ الناس للحديث"، وقال أبو حاتم: "صالح الحديث، يُكتب حديثه، وهو شيخ". ينظر تحرير التقريب (٦١٨٨).
(٣) جاء بعد هذا في ج، م فقرات تقدّمت نصوصها قبل قليل في كراهية لبن الفحل، وهي التي: عن محمد بن سيرين، ومجاهد، والقاسم بن محمد، وعطاء بن أبي رياح، وطاوس، والحسن بن أبي الحسن البصري، وجابر بن زيد. ومن عجب أنّ محقق الطبعة المغربية أدرجها في المتن مع تكررها قبل صفحتين فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>