للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لفظُه في "موطَّئِه" (١). وهو قولُ الشافعيِّ، والحسنِ بنِ حيٍّ، والثوريِّ، وأبي يوسفَ، ومحمدٍ، لا يُعْتبَرُ عندَهم الفطامُ، وإنَّما يُعْتبَرُ الوقتُ (٢). وروَى ابنُ القاسم (٣)، عن مالكٍ: الرَّضاعُ حَوْلانِ وشهرٌ أو شهرانِ، لا يُنْظَرُ إلى رَضاع أُمِّه إيِّاه بعدَ الحَوْلَيْنِ، إنَّما يُنْظَرُ إلى الحَوْلَيْنِ والشهرِ أو الشهرينِ. قال ابنُ القاسم: فإن لم تَفْصِلْه (٤) أُمُّه وأرْضَعتْه ثلاثَ سنينَ، فأرْضَعتْه امرأةٌ بعدَ ثلاثِ سنينَ، والأُمُ تُرْضِعُه: لم تَفْطِمْه، قال مالكٌ: لا يكونُ هذا رَضاعًا، ولا يُلْتَفَتُ فيه إلى رَضاع أُمِّه، إنَّما يُنْظَرُ في هذا إلى الحَوْلَيْنِ والشهرِ والشهرين.

قال ابنُ القاسم: ولو فَصلتْه أُمُّه قبلَ الحَوْلَيْن، مثلَ أنْ تُرْضِعَه سنةً أو نحوَها وتَفطِمَه قبلَ الحوْلَيْن، فيَنْقَطِعَ رَضاعُه، ويَسْتَغْنيَ عن الرَّضاع، فتُرْضِعَه امرأةٌ أجنبيَّةٌ قبلَ تمام الحَوْلَين (٥). فلا يُعَدُّ ذلك رَضاعًا إذا فُطِم قبلَ الحَوْلَيْن واسْتَغْنى عن الرَّضاع.

والحُجَّةُ لقولِ ابنِ القاسم هذا قولُه عزَّ وجلَّ في الحَوْلَيْن: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣] مع ما رُوِيَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا رَضاعَ بعدَ فِطام" (٦).


(١) ٢/ ١٢٣ (١٧٧٤).
(٢) ينظر: الأُمّ للشافعي ٥/ ٣١، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٣١٤ - ٣١٧، واختلاف الفقهاء للمروزي ص ٢٧٤ - ٢٧٥.
(٣) في المدوّنة ٢/ ٢٩٧.
(٤) في الأصل: "تفطمه"، وما أثبتناه من بقية النسخ، وهو الذي في المدوَّنة ٢/ ٢٩٧ ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٣١٥.
(٥) تمام كلام ابن القاسم: "وهو فطيمٌ، أيكون ذلك رضاعًا أم لا؟ ". وما بعده هو قول مالك لا قول ابن القاسم، كما يتضح في المدوّنة ٢/ ٢٩٧، ويؤيد ذلك ما نقله الطحاوي عنه في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٣١٥، فقد عزا القول إلى مالك.
(٦) يروى بهذا اللفظ عن عليٍّ رضي الله عنه، أخرجه سعيد بن منصور في سننه (١٠٣٠) وأبو بكر عبد الله بن محمد النيسابوري في الزيادات على كتاب المُزني (٥٦٨)، وابن عدي في الكامل =

<<  <  ج: ص:  >  >>