للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوفِّي سنةَ ثمانين وهو ابنُ ثمانٍ وسبعين (١)، يُكْنَى أبا محمدٍ، والقارةُ: فخِذٌ من كِنانةَ، وقد ذكَرناه في القبائل من كتابِ "الصحابةِ" (٢)، والحمدُ لله.

ورواه معمرٌ، عن ابنِ شهابٍ، عن عروةَ، عن المِسْورِ بنِ مَخْرَمةَ وعبدِ الرحمنِ بنِ عبدٍ القاريِّ، جميعًا سمِعا عمرَ بنَ الخطابِ يقولُ: مرَرتُ بهشامِ بنِ حَكِيم بنِ حزام وهو يقرأُ سورةَ "الفرقانِ" في حياةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستمعْتُ قراءتَه، فإذا هو يقرأُ على حروفٍ كثيرةٍ لم يُقرئْنِيها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فكدْتُ أُساورُه (٣)، فنظَرْتُ (٤) حتى سلَّم، فلما سلَّم لبَّبْتُه بردائِه فقلتُ: مَن أقرأك هذه السورةَ التي أسمعُك تقرؤُها؟ قال: أقرأنِيها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: قلتُ له: كذَبْتَ، فوالله إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لهو أقرأني هذه السورةَ. قال: فانطلقْتُ أقودُه إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ: يا رسولَ الله، إني سمِعتُ هذا يقرأُ سورةَ "الفرقانِ" على حروفٍ لم تُقرئْنِيها، وأنتَ أقرأتَني في سورةَ "الفرقانِ"، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أرسلْه يا عمرُ، اقرأْ يا هشامُ"، فقرَأ عليه القراءةَ التي سمِعتُه يقرؤُها، فقال النبيُّ عليه السلامُ: "هكذا أُنزلَتْ". ثم قال: "اقرأْ يا عمرُ"، فقرأْتُ القراءةَ التي أقرأَنِيها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: "هكذا أُنزِلت، إن هذا القرآنَ أُنزِل على سبعةِ أحرفٍ، فاقرؤوا ما تيسَّر منه" (٥).


(١) كذا ذكر محمد بن سعد في الطبقات الكبرى ٥/ ٥٧، ومثله خليفة بن خياط في طبقاته، ص ٤١٢ (٢٠١٦)، وينظر: تهذيب الكمال والتعليق عليه ١٧/ ٢٦٤.
(٢) الاستيعاب ٢/ ٨٣٩ (١٤٣٣).
(٣) في الأصل: "أن أساوره"، والمثبت من بقية النسخ. وأساوره: أي: أُواثبه وأُقاتله. اللسان (سور).
(٤) يعني: انتظرت. يقال: نظرْتُ فلانًا وانتظرتُه بمعنى واحدٍ. ومنه قوله تعالى: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: ١٣] فقد قرأها حمزة بقطع الألف؛ أي: أمهلونا. ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزَّجّاج ٥/ ١٢٤، واللسان (نظر).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ١١/ ٢١٨ (٢٠٣٦٩)، وعنه أحمد في المسند ١/ ٣٩١ (٢٩٦)، ومن طريقه مسلم (٨١٨) (٢٧١)، والترمذي (٢٩٤٣) جميعهم عن معمر بن راشد، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>