للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الكلبيُّ في قوله: "أُنْزِلَ القرآنُ على سبعةِ أحرفٍ"، قال: خمسة منها لهوازِن، وحرفانِ لسائرِ الناس.

وأنكَرَ أكثرُ أهلِ العلم أن يكونَ معنَى حديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أُنزِلَ القرآنُ على سبعةِ أحرفٍ": سبعَ لُغَات. وقالوا: هذا لا معنَى له؛ لأنَّه لو كان ذلك لم يُنكِرِ القومُ في أوَّلِ الأمرِ بعضُهم على بعض، لأنَّه مَن كانت لُغتُه شيئًا قد جُبِلَ وطُبعَ عليه، وفُطِرَ به، لم يُنكَرْ عليه.

وفي حديثِ مالكٍ، عن ابنِ شِهابٍ المذكورِ في هذا البابِ، ردُّ قولِ مَن قال: سبعُ لُغَاتٍ؛ لأنَّ عُمرَ بنَ الخطابِ قُرشيٌّ عدَويٌّ، وهشامَ بنَ حكيم بنِ حزام قُرشيٌّ أسَديٌّ، ومحالٌ أنْ يُنكرَ عليه عُمرُ لُغتَه، كما مُحالٌ أنْ يُقرئَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - واحدًا منهما بغيرِ ما يعرِفُ من لُغَتِه، والأحاديثُ الصِّحاحُ المرفوعةُ كلُّها تدلُّ على نحوِ ما يدلُّ عليه حديثُ عُمرَ هذا.

وقالوا: إنَّما معنَى السبعةِ الأحرفِ: سبعةُ أوجُهٍ من المعاني المتَّفِقَةِ المتَقاربةِ، بألفاظٍ مخُتلفةٍ، نحوَ: أقبِلْ، وهلُمَّ، وتعالَ. وعلى هذا أكثرُ أهلِ العلم.

فأمَّا الآثارُ المرفوعةُ، فمنها ما حدَّثناه عبدُ الرحمنِ بنُ عبدِ الله بنِ خالد، قال: حدَّثنا أبو العباسِ تميمٌ (١)، قال: حدَّثنا عيسى بنُ مسكينٍ، قال: حدَّثنا سُحنون، قال: حدَّثنا ابنُ وَهْبٍ، قال: أخبرني سليمانُ بنُ بِلالٍ، عن يزيدَ بنِ خُصيفةَ، عن بُسْر بنِ سعيدٍ، أنَّ أبا جُهيم الأنصاريَّ أخبرَه، أنَّ رَجُلَيْن اختلَفا في آيةٍ من القرآنِ، فقال هذا: تلقَّيْتُها من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال الآخرُ: تلقَّيْتُها من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) وقع في الأصل وبعض النسخ: "أبو العباس بن تميم"، وهو خطأ، فهو تميم بن محمد بن أحمد، وكنيته أبو العباس، كما في ترتيب المدارك ٦/ ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>