للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى همَّامُ بنُ يحيى، عن قَتادةَ، عن يحيى بنِ يَعْمَرَ، عن سُليمانَ بنِ صرَدٍ، عن أُبيِّ بنِ كعبِ، قال: قرأ أُبيّ آيةً، وقرَأ ابنُ مسعودٍ آيةً خلافَها، وقرَأ رجلٌ آخَرُ خلافَهما، فأتَيْنا النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ: ألم تقرأْ آيةَ كذا وكذا: كذا وكذا؟ وقال ابنُ مسعودٍ: ألم تقرأْ آيةَ كذا وكذا: كذا وكذا؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّكم مُحسنٌ مُجمِلٌ". قال: فقلتُ: ما كُلُّنا أحسنَ ولا أجملَ. قال: فضرَب صدري وقال: "يا أُبيُّ، إنِّي أُقرِئْتُ القرآنَ، فقلتُ: على حرفٍ أو حرفينِ؟ فقال ليَ الملَكُ الذي عندي: على حرفين. فقُلتُ: على حَرْفَيْنِ أو ثلاثةٍ؟ فقال الملَكُ الذي معي: على ثَلاثةٍ. فقُلتُ: على ثلاثةٍ، هكذا حتى بلَغ سبعةَ أحرفٍ، ليس منها إلَّا شافٍ كافٍ، قُلتَ: غفورًا رحِيمًا. أو قُلتَ: سميعًا حكيمًا. أو قُلتَ: عليمًا حكيمًا، أوْ عزيزًا حكيمًا. أيَّ ذلك فإنه كذلك". وزاد بعضُهم في هذا الحديثِ: "ما لم تختِمْ عذابًا برحمةٍ، أو رحْمةً بعَذابٍ" (١).

قال أبو عُمر: أمَّا قولُه في هذا الحديث: "قُلْتَ: سميعًا عليمًا، أو غَفُورًا رحيمًا، أو عَلِيمًا حكيمًا". فإنَّما أراد به ضربَ المثلِ للحروفِ التي نزَل القرآنُ عليها، أنَّها معانٍ مُتَّفِقٌ مفهومُها، مُختلِفٌ مسموعُها، لا يكونُ في شيءٍ منها معنًى وضدُّه، ولا وجْهٌ يُخالفُ معنى وجهٍ خلافًا ينفِيه ويضادُّه، كالرَّحمةِ التي هي خلافُ العذابِ وضدُّه، وما أشبَهَ ذلك.

وهذا كلُّه يَعضُدُ قولَ مَن قال: إن معنَى السبعةِ الأحرفِ المذْكُورة في الحديث:


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣٥/ ٨٤ - ٨٥ (٢١١٤٩)، وأبو داود (١٤٧٧)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٨/ ١٢٢ (٣١١٣)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٥٣٧ (٣٩٨٩) من طرقٍ عن همّام بن يحيى العَوْذيّ، به. ورواية أبي داود مختصرة. وفي إسناده مقال، فقد قال الإمام أحمد: "لم يسمع قتادة من يحيى بن يعمر شيئًا" (المعرفة والتاريخ ٢/ ١٤١). وقد أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٢٠٣٧١) عن معمر، عن قتادة، قال: قال لي أبي بن كعب. ليس فيه يحيى بن يعمر، عن سليمان بن صرد.

<<  <  ج: ص:  >  >>