(٢) دعوى أن أهل العلم متَّفقون على عدم جواز صلاة النافلة مضطجعًا مردودة، وإن كان سبق المصنِّف رحمه اللَّه إلى القول فيها الخطابيُّ، وتبعه على ذلك ابن بطّال، فنَفَيا وقوع الخلاف في ذلك، وادّعيا إجماعَ العلماء على أنّ النافلة لا يصليها القادر على القيام مضطجعًا أو إيماءً، وحملا ما ورد في هذه الأحاديث على الصلوات المفروضة، قال الخطابي في "معالم السنن" ١/ ٢٢٥ في سياق شرحه لهذا الحديث: "ولا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخّص في صلاة التطوُّع نائمًا كما رخَّصُوا فيها قاعدًا، فإن صحَّت هذه اللفظةُ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم تكن من كلام بعض الرُّواة أدْرَجَه في الحديث وقاسَهُ على صلاة القاعد، أو اعتبر بصلاة المريض نائمًا إذا لم يقدر على القعود". وتعقَّبهما الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير ١/ ٢٢٨ بقوله: "وما ادّعياهُ من الاتّفاق مردودٌ، فقد حكاه الترمذيُّ عن الحسن البصريّ، وهو أصحُّ الوجهين عند الشافعيّة". قلنا: وما ذكره عن الحسن البصريّ أخرجه الترمذي (٢٣٧٢) من طريق أشعث بن عبد الملك عنه، قال: "إن شاء الرّجُل صلّى صلاة التطوُّع قائمًا، وجالسًا، ومُضْطَجِعًا"، وبمثل ما قاله ابن حجر في هذا نقل العينيُّ في عمدة القاري ٧/ ١٥٩ عن شيخه زين الدين العراقيّ: "أمّا نَفْيُ الخطابي وابن بطّال للخلاف في صحّة التطوُّع مُضطجعًا للقادر فمردودٌ، فإنّ في مذهبنا وجهين، الأصحُّ منهما الصِّحة، وعند المالكية ثلاثة أوجُه، حكاها القاضي عياض في الإكمال"، وأضاف: "فكيف يدّعي مع هذا الخلاف القديم والحديث الاتّفاق؟! ". (٣) في سننه (٩٥٢). وأخرجه أحمد في المسند ٣٣/ ٥٢ (١٩٨١٩)، وابن ماجة (١٢٢٣)، والترمذي (٣٧٢) من طريق وكيع بن الجرّاح، به. وهو عند البخاري (١١١٧) من طريق إبراهيم بن طهمان، به.