للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو: (وطَلْع مَنْضُودٍ). قال: فقال الرجلُ: أفلا تُغيِّرُها؟ فقال عليٌّ: لا ينبغي للقرآنِ أن يُهاجَ (١). وهذا معناه عندي: لا ينبغي أنْ يُبدَّلَ. وهو جائزٌ ممَّا نزَل القرآنُ عليه، وإنْ كان عليٌّ كان يستحبُّ غيرَه ممَّا نزَل القرآنُ عليه أيضًا.

وأمَّا قولُه: (نَعْجَةً أُنْثَى)، فقرأ به عبدُ الله بنُ مسعودٍ:

أخبرنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ عبدِ المؤمنِ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ أحمدُ بنُ سلمانَ بنِ الحسنِ النَّجَّادُ الفقِيهُ ببغدادَ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ أحمدَ بنِ حنبل، قال: حدَّثني أبي، قال: قال سُفيانُ: كان صغيرُهم وكبيرُهم - يعني أهلَ الكوفةِ - يقرأُ قراءةَ عبدِ الله. قال: وكان الحجَّاجُ يُعاقِبُ عليها. قال: وقال الحجَّاجُ: ابنُ مسعودٍ يقرأُ: (إنَّ هذا أخي له تسعٌ وتسعونَ نعجةً أُنثَى). أكان ابنُ مسعودٍ يرَى أنَّ النَّعجةَ تكونُ ذكرًا!

وكسَر الحسنُ والأعرجُ النُّونَ من (نِعْجَةً) (٢)، وفتحَها سائرُ الناسِ. وفتحَ الحسنُ وحدَه التَّاءَ من (تَسْعٌ وتَسعون)، وكسَرها سائرُ الناس.

وأمَّا: (فامْضُوا إلى ذكرِ الله)، فقَرَأ به عمرُ بنُ الخطابِ، وعليُّ بنُ أبي طالب، وعبدُ الله بنُ مسعودٍ، وأبيُّ بنُ كعب، وابنُ عبَّاس، وابنُ عُمرَ، وابنُ الزبير،


(١) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ٢٣/ ١١١، وابن الأنباري في المصاحف كما في تفسير القرطبي ١٧/ ٢٠٨، والدر المنثور ٨/ ١٣ من طريقين عن مجالد بن سعيد، عن الحسن بن سعد، عن قيس بن عبدٍ عمِّ الشعبيِّ، به. وإسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد، وجهالة حال قيس بن عبد عمّ الشعبي حيث لم يُذكر عنه أنه روى إلا عن ابن مسعود، ولم يرو عنه غير ابن أخيه عامر الشعبيّ، ينظر: التاريخ الكبير للبخاري ٧/ ١٤٨ (٦٦١)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٧/ ١٠١ (٥٧٣).
وقد نقل القرطبي عن ابن الأنباري قوله: "ومعنى هذا أنّه رجع - أي عليّ رضي الله عنه - إلى ما في المصحف، وعَلِم أنه هو الصّواب، وأبطَلَ الذي كان فَرَط من قوله".
(٢) ذكر هذه القراءة الفرّاء في معاني القرآن ٢/ ٤٠٣ وعزاها لابن مسعود، وقال: "والعربُ تؤكّد التأنيث بأنثاه، والتذكير بمثل ذلك، فيكون كالفَصْل - يعني كالزيادة - في الكلام؛ فهذا من ذلك، ومنه قولك للرَّجل: هذا واللّه رجلٌ ذكرٌ، وإنما يدخل هذا في المؤنث في نفسه مثل المرأة والرَّجل والجمل والناقة، فإذا عَدَوْتَ ذلك لم يَجُز، فخطأٌ أن تقول: هذه دارٌ أنثى، وملحفةٌ أنثى، لأنّ تأنيثها في اسمها لا في معناها. فابنِ على هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>