للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُجاورُ فتمُرُّ بالمريضِ من أهلِها فلا تعرِضُ له (١). فالحديثان عندَنا محفوظان بالخبرين جميعًا، إلَّا ما كان من روايةِ مالكٍ في ترجُّلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقط، إن شاء الله.

قال: وقد روَى ابنُ أبي حبيبٍ ما حدَّثنا به أبو صالح الحرَّانيُّ، قال: حدَّثنا ابنُ لهيعةَ، عن ابنِ أبي حبيبٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عروةَ، عن عائشةَ، قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكفُ فيمُرُّ بالمريضِ في البيْتِ فيسلِّمُ عليه ولا يقفُ. قال: وهذا مُعضلٌ لا وجهَ له، إنَّما هو فعلُ عائشةَ، ليس ذكرُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من هذا الحديثِ في شيءٍ. وهذا الوَهمُ من ابنِ لهيعةَ فيما نرَى. واللهُ أعلم.

قال أبو عُمر: الذي أنكروا على مالكٍ ذكرَ عمرةَ في حديثِ عائشةَ، أنَّها كانت تُرجِّلُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُعتكفٌ. هذا ما أنكروا عليه لا غيرُ في هذا الحديث؛ لأنَّ ترجيلَ عائشةَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُعتكفٌ لا يُوجدُ إلَّا في حديثِ عروةَ وحدَه، عن عائشةَ (٢). وغيرُ هذا قد جُومعَ مالكٌ عليه، من حديثِ مُرورِ عائشةَ، وغيرِه من ألفاظِ حديثِ مالكٍ وإسنادِه، وقد روَى حديث التَّرجيلِ هذا عن عروةَ تميمُ بنُ سلمةَ وهشامُ بنُ عروةَ. ذكَر أبو بكرٍ بنُ أبي شيبةَ (٣)، عن ابنِ


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٤/ ٣٥٨ (٨٠٥٦) عن سفيان الثوري، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٩٧٣٥) عن وكيع بن الجراح، عن سفيان الثوري، به.
(٢) بل وقد وُجد من حديث عمرةَ أيضًا، وقد سلف أن جماعةً رووه عنهما، وهو في الصحيحين من طريق الليث عنهما، البخاري (٢٠٢٩)، ومسلم (٢٩٧)، وفيه قوله عائشة رضي الله عنها: وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَيُدخل عليّ رأسَه وهو في المسجد فأُرجِّلُه".
وقال الدارقطني في علله ١٥/ ١٥٤ (٣٩١٤) بعد أن ذكر أوجه الاختلاف فيه على الزُّهري: "وقيل: عن الوليد بن مسلم، عن مالك، عن الزُّهريّ، عن عمرة، عن عائشة، ولم يذكر فيه: عروة". فلم ينفرد عروة بذكر ترجيل عائشة رضي الله عنها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقوله رحمه الله " ... إلّا في حديث عروة وحده" تجوُّز منه.
(٣) في المصنّف (٢١٢٢)، وإسناده صحيح. ابن نُمير: هو عبد الله بن نمير الهمداني، ويعلى: هو ابن عُبيد الطُّنافسيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>