للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكٌ (١)، عن ابنِ شهاب، عن عامرِ بنِ سعدِ بنِ أبي وقاص، عن أبيه، قال: جاءني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُني عامَ حَجَّةِ الوداع وبي وجَعٌ (٢) وقد اشْتَدَّ بي، فقلت: يا رسولَ الله، قد بلَغ منِّي الوَجَعُ ما ترَى، وأنا ذُو مالٍ، ولا يرثُني إلا ابنةٌ لي، أفأتَصَدَّقُ بثُلُثَيْ مالي؟ قال: "لا". قُلْتُ: فالشَّطْرُ؟ قال: "لا". قلتُ: فالثُّلثُ؟ قال: "الثُّلثُ، والثُّلثُ كثيرٌ - أو: كبيرٌ (٣) -، أنْ تَذَرَ ورَثتَك أغنياءَ خيرٌ مِن أنْ تَذَرَهم عَالةً يتكفَّفون الناسَ، وإن لن تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بها وَجْهَ الله إلا أُجِرْتَ فيها، حتى ما تجعَلُ في فيّ امرأتِكَ". قال: قُلْتُ: يا رسولَ الله، أأُخَلَّفُ بعدَ أصحابي؟ قال: "إنَّك لن تُخلَّفَ فتَعْمَلَ عملًا صالحًا إلَّا ازْدَدْتَ به رفْعَةً ودَرَجة، ولعَلَّكَ أن تُخلَّفَ حتى يَنْتفِعَ بك أقْوَامٌ ويُضَرَّ بك آخَرُون، اللَّهُمَّ أمْضِ لأصحابي هِجْرَتَهم ولا تَرُدَّهم على أعقابِهم، لكنِ البائِسُ سعدُ بنُ خَوْلَةَ"، يَرْثي له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن مات بمكة.

هذا حديثٌ قد اتَّفَق أهلُ العلم على صحَّةِ إسنادِه، وجعَله (٤) جمهورُ الفقهاء أصلًا في مقدارِ الوصيةِ، وأنَّه لا يُتَجَاوَزُ بها الثُّلثُ، إلَّا أنَّ في بعضِ ألفاظِه اخْتِلافًا


(١) الموطأ ٢/ ٣١١ - ٣١٢ (٢٢١٩).
ورواه عن مالك: أبو مصعب الزُّهريّ (٢٩٩٥)، ومن طريقه: ابن حبان (٦٠٢٦)، وسويد بن سعيد (٣٠٧)، وعبد الله بن مسلمة القعنبي عند يعقوب في المعرفة والتاريخ ١/ ٣٦٨ - ٣٦٩ والجوهري (٢١٧) والبيهقي ٦/ ٢٦٨، وعبد الله بن يوسف التنيسي عند البخاري (١٢٩٥)، وعبد الرحمن بن القاسم (٦٨)، ومحمد بن الحسن الشيباني (٧٣٦)، ومصعب الزبيري عند الشاشي (٨٥)، ويحيى بن بكير عند يعقوب في المعرفة والتاريخ ١/ ٣٦٨ - ٣٦٩.
(٢) في المطبوع من الموطأ: "من وجع".
(٣) هكذا في الأصل، ف ٢، وهي ليست في المطبوع من رواية يحيى، ولكنها ثابتة في رواية أبي مصعب، ومحمد بن الحسن، وابن القاسم.
(٤) في الأصل: "وحمله"، والمثبت من بقية النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>