للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديثِ من الفِقْهِ: أنَّ المُرُورَ بين يَدَي المُصَلِّي إذا كان وراءَ الإمام لا يَضُرُّ المُصَلِّي، ولا حرَجَ فيه على المارِّ أيضًا، وقد تقَدَّمَ في بابِ زيدِ بنِ أسْلَم (١)، مِن حُكْمِ السُّتْرَة، وحُكْم المارِّ بين يَدَي المُصَلِّي، وأنّ الصلاةَ لا يقطَعُها شيءٌ. ومضَى هناك من الآثارِ في ذلك ما فيه غنًى وكفايةٌ، فلا وجهَ لإعادَة ذلك هاهنا.

وفي الحديثِ دليلٌ واضحٌ على أنَّ الإمامَ سُتْرَةٌ لمن خلفَه، فلا حرجَ على من مرَّ وراءه بين أيدي الصُّفُوف، وقد استدلَّ قومٌ بأن هذا الحديثَ دليلٌ على أنَّ الحمارَ لا يقطعُ الصَّلاة مرورُه بين يدي المُصَلِّي، وردُّوا به قولَ مَن زَعم أنَّ الحمارَ يقْطَعُ الصَّلاة. وانفصَلَ منهم مخالِفُهم بأنّ مرُورَ الأتانِ كان خلفَ الإمام بين يدي الصفِّ، فلا دليلَ فيه من روايَة مالك هذه وما كان مثلَها.

وقد رُويَ حديثُ ابنِ عباسٍ هذا بلفْظٍ هو حجَّةٌ لمن قال: الحمارُ لا يقطَعُ الصلاة (٢).

أخبرنا إبراهيمُ بنُ شاكر، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ أحمدَ بنِ يحيى، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ أيوبَ بنِ حَبِيبٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرٍو البزَّار، قال (٣): حدَّثنا بِشْرُ بنُ آدمَ، قال: حدَّثنا أبو عاصم (٤)، عن ابنِ جريج، قال: أخبرنا عبدُ الكريم (٥)،


= وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٨٨٢) عن سفيان، به، والنسائي في المجتبى ٢/ ٦٤ عن محمد بن منصور، عن سفيان، به.
(١) الحديث السَّابع عشر مما أسنده زيد بن أسلم.
(٢) مرّت هذه المسألة بتفصيلاتها في الحديث السابع عشر لزيد بن أسلم.
(٣) في مسنده (٤٩٥١).
(٤) هو: أبو عاصم النبيل، الضحَّاك بن مَخْلَد.
(٥) يحتمل أن يكون عبد الكريم هذا: الجزَرْي الثِّقة، أو ابن أبي المُخارق الضعيف، بل المتروك؛ لأنَّ كليهما روى عن مُجاهد، وروى عنهما ابن جُريج كذلك، ووقع التَّصريح بالجزَرْي في شرح ابن بطّال على البُخاري ٢/ ١٢٩، وفي فتح الباري لابن رجب ٢/ ٦١١، فلعلّهما وقعا =

<<  <  ج: ص:  >  >>