للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرُ مُسدَّدٍ يقولُ فيه: عن عبدٍ الواحدِ، عن مَعْمَرٍ، بهذا الإسنَادِ: "وإن كان مائِعًا فانتفِعُوا به واستَصْبِحوا" (١). وقد يحتَمِلُ أن يكونَ المعْنَى في روايَةِ مُسدَّدٍ وغيرِه عن عبدٍ الواحِدِ في ذلك سواءً، ويُحمَلُ قولُه: "لم يُؤْكَلْ" في روايَةِ مُسَدَّدٍ على تخصِيصِ الأكلِ، كأنه قال: لم يُؤكَلْ، ولكنَّه يُسْتَصْبَحُ به ويُنْتفَعُ (٢). فلا تتعارَضُ الرِّوايَةُ عنه في ذلك.

وأمَّا عبدُ الأعلى، فروَاه عن مَعمرٍ، عن الزُّهريِّ، عن سعيدٍ، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن فأرةٍ وقَعَتْ في سمنٍ، فأمرَ بها أن تُؤْخَذَ وما حولَها فتُطْرَحَ (٣). هكذا قال، لم يذكُر حُكْمَ المائِع بشيءٍ، وكلُّ هؤلاء ليس عندَه عن مَعْمَرٍ في هذا الحديثِ إلا هذا الإسنَادُ: عن الزهريِّ، عن سعيدٍ، عن أبي هريرةَ.

وقال محمدُ بنُ يحيى النَّيسابُوريُّ بعدَ ذِكْرِه هذا الحديثَ، قال: وحدَّثنا عبدُ الرَّزاقِ، قال: أخبرنا عبدُ الرحمن بنُ بُوذُوية - وكان من متثبِّتيهم (٤) - أنَّ معمرًا


(١) كرواية الطحَّاوي في شرح مشكل الآثار وفي اختلاف العلماء حيث رواه من طريق الحسن بن الرّبيع بهذا السِّياق.
(٢) نعم، لا تعارض بين قوله في رواية مُسدَّد: "لم يؤكل" ورواية غيره: "فانتفعوا به واستصبحوا"؛ لأنَّه يُفهم من هذا جواز الانتفاع به انتفاعًا غير الأكل، فالجمع بين الروايتين واضح من هذا الباب، لكن التعارض مع رواية أخرى ثالثة فيها: "فلا تقربوه" واضح، فلذلك رجّح الحفاظ رواية عبد الواحد هذه.
(٣) أخرجه ابن أبي شَيبة في المصنَّف (٢٤٨٧٨) عن عبد الأعلى، به، والبزار في مسنده (٧٧٢١) عن نصر بن علي عن عبد الأعلى، به، وقال: وهذا الحديث لا نعلم أحدًا رواه عن الزُّهري عن سعيد عن أبي هريرة إلا معمرًا، وقد خولف في إسناده ومتنه. وعبد الأعلى هو ابن عبد الأعلى السَّامي، وثقه أبو زُرعة، وقال عنه أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النسائي: لا بأس به. (تهذيب الكمال للمزي ١٦/ ٣٥٩ - ٣٦٣).
(٤) يظهر أن قوله: "من متثبتيهم" هو من كلام الذُّهلي، ولعل هذا يفسر السقط في تهذيب التهذيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>