للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ جُرَيج في حديثه (١): قلتُ لابنِ شهابٍ: الحمارُ عَقِيرٌ؟ قال: لا أدري. فقد بيَّن ابنُ جُرَيج أنَّ ابنَ شهابٍ شَكَّ، فلم يَدْرِ هل كان عَقِيرًا أم لا (٢)؟ إلا أنَّ في مسَاقِ حديثه: أهْدَيْتُ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حمارَ وَحْشٍ فرَدَّه عليَّ.

وروى حمادُ بنُ زيدٍ هذا الحديثَ، عن صالح بنِ كَيْسانَ، عن عبيدِ الله بنِ عبدِ الله بنِ عتبةَ، عن ابنِ عباسٍ، عن الصَّعْبِ بنِ جَثَّامةَ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أقْبَل حتى إذا كان بقُدَيْدٍ أهْدَى إليه بعضَ حمارٍ، فرَدَّه عليه وقال: "إنَّا حُرُمٌ لا نأكُلُ الصَّيْدَ". هكذا قال حمادُ بنُ زيدٍ، عن صالح بنِ كَيْسانَ، عن عُبَيدِ الله. لم يذْكُرِ ابنَ شهاب، وقال: بعضَ حِمَارٍ، ذكره إسماعيلُ القاضي (٣)، عن سليمانَ بنِ حربٍ، عن حمَّادِ بنِ زَيْدٍ.


(١) انظر: المسند لأحمد ٢٦/ ٣٥٧ (١٦٤٢٨)، والرُّوياني في مسنده (٩٩٩)، وابن خزيمة في الصحيح (٢٦٣٧)، وقال: في مسألة ابن جُريج عن الزُّهري وإجابته إيّاه دلالة على أنَّ من قال في خبر الصَّعب: أهديت لحم حمار أو رجل حمارٍ واهمٌ فيه، إذ الزُّهري قد أعلم أنه لا يدري الحمار كان عَقيرًا أم لا حين أُهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - , وكيف يروي أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدي له لحم حمار أو رجل حمار، وهو لا يدري كان الحمار المهدي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - عقيرًا أم لا؟
(٢) لكن جاء في رواية ابن أبي أويس عبد الله بن أويس عن الزُّهري، كما عند أحمد في المسند ٢٧/ ٢٢١ (١٦٦٦١)، أنَّ الصَّعب بن جثَّامة قال: أهديتُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - حمارًا عقيرًا وحشيًا، وهو في ذلك يُخالف جملة الرُّواة عن الزُّهري، إذ لم يذكروا هذه الزِّيادة، فتكون شاذةً.
وجاء مثل هذا التَّصريح في غير روايات الزُّهري، فأخرج النَّسائي في الإغراب (١٩٦)، والطَّحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ١٧٠، وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (٣١٦) من طُرُق عن سفيان، عن أبي الهُذيل، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، أنَّ الصَّعب بن جثَّامة أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارَ وحشٍ وهو محرم، فردَّه، وكان مذبوحًا.
(٣) لعله في مسند حديث مالك وقد طُبع قطعة منه، وهي ما بقي منه، وهذا الحديث ليس فيها.
وأخرجه كذلك الدَّارمي في السنن ٢/ ٣٩، والنَّسائي في المجتبى ٥/ ١٨٤، وفي الكبرى (٣٧٨٨)، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند ٢٧/ ٢٢٢ (١٦٦٦٢) و ٢٧/ ٢٢٩ (١٦٦٧٥)، كلهم من طرُق عن حماد بن زيد، به. =

<<  <  ج: ص:  >  >>