للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجمَعَ الفقهاءُ أنَّ المسافِرَ بالخيارِ؛ إنْ شاءَ صامَ، وإنْ شاءَ أفطَر (١)،

إلا أنهم اختَلَفوا في الأفْضَلِ من ذلك، وقد مَضَى القولُ فيه في بابِ حُميْدٍ (٢)، والحمدُ لله.

واختلَفَ الفقهاءُ في الفطرِ المذكورِ في هذا الحديثِ؛ فقال قومٌ: معناه: إنْ (٣) أصبَحَ مُفْطِرًا: نَوَى الفِطْرَ، فتَمادَى عليه في أيام سفرِه. واحتَجُّوا بحديثِ العَلاءِ بنِ المسيِّب (٤)، عن الحكَم بنِ عُتَيبةَ (٥)، عن مجاهدٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: صامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ المدينةِ حتى أتَى قُدَيْدًا، ثم أفطَر حتى أتى (٦) مكة (٧). وهذا لا بيانَ فيه لما تأوَّلوه.


(١) كيف تستقيم حكاية الإجماع والمؤلف نقل ما ينقض الإجماع هنا وفي حديث حميد، وعلى كلِّ حال فإجماعاتُ ابن عبد البر محلُّ نظر، وفيها توسُّع، قال المقري في القواعد ١/ ٣٤٩ - ٣٥٠: "حذَّر الناصحون من أحاديث الفقهاء، وتحميلات الشيوخ، وتخريجات المتفقهين، وإجماعات المحدثين. وقال بعضهم: احذر أحاديث عبد الوهاب والغزالي، وإجماعات ابن عبد البر، واتفاقات ابن رشد، واحتمالات الباجي، واختلاف اللخمي".
وانظر ذكر الاختلاف عند: ابن حجر فتح الباري ٤/ ١٨٣.
(٢) كما مرَّ آنفًا.
(٣) وقع في بعض النسخ: "أنه"، والمثبت أجود، لزوم الشرط وجوابه.
(٤) ثقة، كما هو مبين في تحرير التقريب ٣/ ١٣١.
(٥) وهو ثقة ثبت فقيه، كما قال ابن حجر، إلا أنَّه ربما دلّس كما قال. وهو ممن احتمل الأئمة تدليسه، لقلته في جنب ما روى (تحرير التقريب ١/ ٣١٠).
(٦) في م: "أتى إلى مكة"، والمثبت هو الذي في النسخ والأشيع في كلام العرب.
(٧) أخرجه النَّسائي في المجتبى ٤/ ١٨٣، وفي السنن الكبرى (٢٦٠٩) عن القاسم بن زكريا، عن سعد بن عمرو، عن عَبْثَر، عن العلاء بن المسيب، به. وأخرجه أبو بكر بن مردوية في جزء حديث ابن حبان (١١٢) عن ابن أبي الأحوص، عن سعيد بن عمرو بمثل إسناد النسائي.
كما أخرجه أحمد بن حنبل في المسند ٤/ ٧٠ (٢١٨٥) عن هُشيم، عن شعبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس. وأسانيد أحمد والنَّسائي صحيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>