للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلَف الفقهاءُ في الإحصانِ الموجِبِ للرجم؛ فجُمْلَةُ قولِ مالكٍ ومَذْهَبِه، أن يكونَ الزاني حُرًّا، مسلمًا، بالغًا (١)، عاقلًا، قد وطِئ وطْئًا مباحًا في عقدِ نكاح، ثم زنَى بعدَ هذا. والكافِرُ عندَه والعبدُ لا يَثبُتُ لواحدٍ منهما إحصانٌ في نفسِه، وكذلك العَقْدُ الفاسِدُ لا يَثبُتُ به إحصان، وكذلك الوطءُ المحظورُ؛ كالوطء في الإحرام، أو في الصيام، أو في الاعتكافِ، أو في الحيضِ، لا يَثبُتُ بشيءٍ (٢) مِن ذلك إحْصَانٌ، إلا أنَّ الأمَةَ الكافرةَ، والصغيرةَ، يُحصنَّ الحرَّ المسلمَ عندَه ولا يُحصِنُهُنَّ. هذا كلُّه تَحصِيلُ مَذهبِ مالكٍ وأصحابِه.

وحَدُّ الحصانةِ في مذْهَبِ أبي حنيفةَ وأصحابِه على ضَرْبَين (٣):

أحدُهما: إحصانٌ يُوجِبُ الرجمَ، يتعلَّقُ بسبع شَرائِطَ: الحريةُ، والبُلوغُ، والعقلُ، والإسلامُ، والنكاحُ الصحيحُ، والدخولُ.

والآخَرُ: إحصانٌ يتعلَّقُ به حَدُّ القذفِ، له خَمسُ شَرائِطَ في المقذوفِ: الحريةُ، والبُلوغُ، والعقلُ، والإسلامُ، والعِفَّةُ.


= كما أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٧/ ٢٢ عن عفان بن مُسلم، به.
وقال أحمد عنه: لا يُعرف، كما في تهذيب الكمال ٣٢/ ٤٦٣.
وذكر أحمد وأبو داود وأبو حاتم أنه لم يروِ عنه غير عليِّ بن زيد كما في تهذيب الكمال.
(١) انظر: شرح ابن بطّال على البخاري ٨/ ٥٠٥، وشرح حدود ابن عرفة للرَّصاع ٤٩٧، وفيه نظم لهذه الشروط، وهي للقاضي زين الدين بن رشيق، وهو:
شروطٌ للإحصانِ ستٌّ أتت ... فخذها عن النَّصّ مُستفهما
بلوغٌ وعقلٌ وحريةٌ ... ورابعها كونه مُسلما
وعقدٌ صحيحٌ وَوَطءٌ مباحٌ ... متى اختلَّ شرطٌ فلن يُرجما
(٢) في ر ١: "في شيء".
(٣) انظر تفصيل مذهب أبي حنيفة وأصحابه وقول أبي يوسف وابن أبي ليلى في مختصر اختلاف العلماء للطَّحاوي ٣/ ٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>