للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجمَع العلماءُ على أنَّ الأمَةَ إذا تزوَّجَتْ فزَنَت، أنَّ عليها نصفَ ما على الحرةِ البِكْرِ مِن الجلْدِ (١)؟ لقولِ الله عزَّ وجلَّ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥]. والإحصانُ في كلام العربِ على وجوه؛ منها: الإسلامُ، ومنها العِفَّةُ، ومنها التزويجُ، ومنها الحريةُ. إلا أنَّه في الإمَاء هاهنا على وجهيْنِ؛ منهم مَن يقولُ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ}: زوجن أو تَزَوَّجْنَ. ومنهم مَن يقولُ: إحصانُها: إسلامُها. فمَن قَرَأ: (أَحْصَنَّ) بفتح الألِفِ، فمعناه: تزوَّجْنَ أو أسلَمْنَ، على مذْهبِ من قال ذلك. وأمَّا من قرأ بضمِّ الألِفِ، فمعناه: زُوِّجْنَ، أي: أُحْصِنَّ بالأزواج، يريدُ: أحصَنَهُنَّ غيرُهُنَّ، يعني الأزواجَ بالنكاح (٢). وقد قيل: أُحْصِنَّ بالإسلام، فالزوجُ يُحْصِنُها، والإسلامُ يُحصِنُها، والمعنيانِ مُتَداخِلان في القوليْن.

فممَّن قرَأ بضَمِّ الألفِ وكسرِ الصادِ في {أُحصِنَّ}: ابنُ عباسٍ، وأبو الدّرداء، وسعيدُ بنُ جبيرٍ، ومجاهدٌ، وطاوُسٌ، وعكرمةُ، وابنُ كثيرٍ، والأعرجُ، وأبو جعفرٍ، ونافعٌ، وسالم، والقاسمُ، وأبو عبدِ الرحمن السُّلميُّ، وأبو رجاءٍ، ومحمدُ بنُ سيرينَ - على اختلافٍ عنه - وأبو عمرٍو، وقتادةُ، وعيسى، وسلَّامٌ،


= عن الرَّبيع بن سليمان، عن شُعيب بن الليث، عن أبيه، به. والطحاوي في شرح معاني الآثار ٣/ ١٣٦، والطَّبراني في المعجم الأوسط (٨٧٩٢) عن مُطلب، عن عبد الله بن صالح، عن الليث، به. وغيرهم.
وقال البوصيري في مصباح الزُّجاجة ٣/ ٣١٠: "هذا إسنادٌ ضعيف، عمارة بن أبي فروة قال البخاري: لا يُتابع في حديثه، وذكره العقيلي وابن الجارود في الضعفاء، وذكره ابن حبّان في الثقات فما أجاد". وعمار بن أبي فروة ذكره الذهبي في الميزان ٢/ ٤٥٩ وذكر قول البخاري فيه: لا يُتابع على حديثه.
(١) انظر: بداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٣٦٥ فقد نقل الإجماع أيضًا.
(٢) انظر: حجة القراءات لابن زنجلة، ص ١٩٨، وأحكام القرآن لابن العربي ٢/ ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>