للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجمَع المسلمون على ذلك في كثيرِه (١)، وإن اختلَفوا في معانٍ مِن قليلِه، وقد مضى القولُ واضحًا في الماء في بابِ إسحاقَ بنِ أبي طَلْحةَ عندَ ذكرِ حديثِ وُلوغ الهِرّةِ في الإناء (٢)، فأغنَى ذلك عن إعادتِه هاهنا.

قال أبو عُمر: أجمَع المسلمون على أنَّ بَولَ كلِّ آدميٍّ يأكلُ الطعامَ نَجِسٌ (٣).

واختلَف العلماءُ في بَولِ الصبيِّ والصبيةِ إذا كانا مُرضَعين لا يأكلان الطعامَ:

فقال مالكٌ وأبو حنيفةَ وأصحابُهما (٤): بَولُ الصبيِّ والصبيةِ كبَولِ الرجلِ، وهو قولُ الثوريِّ والحسنِ بنِ حيٍّ.

وقال الأوزاعيُّ: لا بأسَ ببَولِ الصبيِّ ما دام يشرَبُ اللبنَ، ولا يأكلُ الطعامَ. وهو قولُ عبدِ الله بنِ وَهْبٍ صاحبِ مالكٍ.

وقال الشافعيُّ (٥): بَولُ الصبيِّ ليس بنَجِسٍ حتى يأكلَ الطعامَ، ولا يَبينُ لي فرقُ ما بينَه وبينَ الصبيةِ، ولو غُسِل كان أحبَّ إلي.

وقال الطبريُّ: بولُ الصبيِّ يُتبعُ ماءً، وبولُ الصبيةِ يُغسلُ غَسلًا. وهو قولُ الحسنِ البصريِّ.


(١) هذا في الاء الكثير جدًّا كنحو النهر والبحر وما ضارعهما، قال ابن المنذر في الإجماع ٣٣ (١١): "وأجمعوا على أنَّ الماء الكثير من النيل والبحر ونحو ذلك، إذا وقعت فيه نجاسة فلم يتغير له لونًا ولا طعمًا ولا ريحًا أنه بحاله ويتطهر منه"، وانظر: بداية المجتهد لابن رشد ١/ ١٨.
(٢) الحديث الخامس عشر لإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة في بداية الكتاب.
(٣) الإجماع لابن المنذر ٣٦ (٢٤)، وبداية المجتهد لابن رشد ١/ ٦٣.
(٤) مختصر اختلاف العلماء للطَّحاوي ١/ ١٢٦.
(٥) قال الشافعيُّ، كما في الحاوي للماوردي ٢/ ٢٤٨: "وأصل الأبوال وما خرج من مخرج حيٍّ مما يؤكل لحمه، أو لا يؤكل لحمه فكل ذلك نجس، إلا ما دلّت عليه السُّنة من الرَّش على بول الصبي ما لم يأكل الطَّعام".

<<  <  ج: ص:  >  >>