للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: حَدَّثَنَا يزيدُ بنُ هارونَ، قالا (١): أخبرنا المسعوديُّ، عن عونِ بنِ عبدِ الله، عن عبُيدِ الله بنِ عبدِ الله بنِ عتبةَ، عن أبي هريرةَ، قال: جاء رجلٌ إلى رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بجاريَةٍ أعْجَميَّةٍ، فقال: يا رسولَ الله، إنَّ عليَّ رقبةً مؤمنةً، أفأُعْتِقُ هذه؟ فقال لها رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أين اللهُ؟ "، فأشارَتْ إلى السَّماء، فقال لها: "فمَن أنا؟ "، فأشارَت إليه وإلى السَّماء، أي: أنت رسولُ الله، قال: "أعْتِقْها، فإنَّها مؤمنةٌ".

وهذا المعنى رَواه مالكٌ (٢)، عن هلالِ بنِ أسامةَ، وسيأتي القولُ فيه في بابِ هِلالٍ (٣) إن شاء الله.

وفي حديثِ مالكٍ هذا من الفقهِ: أنَّ من شرطِ الشهادةِ التي بها يُخرَجُ من الكفرِ إلى الإيمانِ، مع الإقرارِ بأنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ الله، الإقرارَ بالبعثِ بعدَ الموتِ، وقد أجْمَع المسلمون على أنَّ من أنْكَر البعثَ فلا إيمانَ له ولا شَهادَةَ (٤)، وفي ذلك ما يُغْني ويكْفي، مع ما في القرآنِ من تأكيدِ الإقرارِ بالبعثِ بعدَ الموتِ، فلا وجْهَ للإكثارِ في ذلك.

وفيه: أنَّ من جعَلَ على نفسِه رقبةً مؤمنةً نَذَرَ أن يُعْتِقَها، أو وجَبَتْ عليه من كفارَةِ قتل، لَمْ يُجزِئْه غيرُ مؤمنةٍ، وإنَّما قُلْنا: من نذرٍ أو كفارَةِ قتل؛ لأنَّ كفَّارَةَ الظِّهارِ والأيْمانِ قد اختُلِف في ذلك، فقيل: إنَّه يُجزئ فيها غيرُ مؤمنةٍ. وللكلام في ذلك موضعٌ غيرُ هذا.

وروَى يزيدُ بنُ هارونَ، عن هشام، عن الحسنِ، قال: كلُّ شيءٍ في كتابِ الله:


(١) في الأصل: "قال" بلفظ الواحد، والمثبت من ش ٤.
(٢) الموطأ (٢٢٥١).
(٣) في باب الهاء، هلال بن أسامة، وهو ابن أبي ميمونة، ولمالك عنه حديث واحد هو هذا الحديث، جاء في آخر الكتاب.
(٤) ينظر: مراتب الإجماع لابن حزم، ١٧٥، والفِصَل في الملل والنحل، له ٤/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>