وفي إسناد هذا الحديث: هشيم، وهو هشيم بن بشير السّلمي الواسطي وهو إمام حافظ ثقةٌ، إلَّا أن في حديثه عن الزهري ضعفًا، فذكر الذهبي في ميزان الاعتدال ٤/ ٣٠٦ أنَّه لين في الزهري، وقال في جزء من تكلم فيه وهو موثق: ثقةٌ إمام متَّفقٌ على توثيقه إلَّا أنَّه لين في الزهري خاصة. وهذا اللين ناشئٌ من عدم سماعه أحاديث كثيرة من الزُهري بخلاف ما روي، فقد ذكر أحمد أنَّه لم يسمع من الزُّهري إلَّا أربعة أحاديث، وقد جاء ذكر هذه الأحاديث في المعرفة والتاريخ ٢/ ٢٠١. وهذا الحديث ليس منها. لذا قال الذهبي في جزء من تكلم فيه وهو موثق كخلاصة لرأيه فيه: حافظ ثقةٌ مُدلِّس وهو في الزهري ليس بحجة. أمَّا سفيان بن حسين فهو وإن كان ثقةٌ في الجملة إلَّا أنه ضعيف في الزهري خاصة، فقد ذكر المروذي عن أحمد أنه قال: ليس بذاك في حديثه عن الزهري، وكذا قال ابن أبي خيثمة عن يحيى: ثقةٌ في غير الزهري، وكذلك النسائي حيث قال: ليس به بأس إلَّا في الزهري، وهذا ما خلص إليه ابن عدي في الكامل (انظر هذه النقول في تهذيب الكمال للمزي ١١/ ١٤٠ - ١٤١). فهذا الحديث سواء اكان من رواية هشيم أو سفيان بن حسين ضعيف، وبهذا يتبين خطأ الطحاوي في ترجيحه لهذه الرواية على سائر الروايات كما في شرح معاني الآثار ١/ ٢١٢. (٢) جاء في نهاية هذا الحديث عند أبي عُبيد في الأموال: فهذا ما سنّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المنِّ، وقد عملت به الأئمة بعده. (٣) انظر: الدرر في اختصار المغازي والسير للمصنَّف، ص ٥٧، والسيرة النبوية لابن هشام ١/ ٣٧٦. (٤) الدرر، ص ٥٨، والسيرة لابن هشام ١/ ٣٨١.