للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: أمَّا زيادةُ من زاد في هذا الحديث: "ولا الكافرُ المسلم" (١) فلا مدخلَ للقولِ في ذلك؛ لأنَّه إجماعٌ من المسلمين كافّةً عن كافّةٍ أنَّ الكافرَ لا يرثُ المسلمُ (٢)، وهي الحجَّةُ القاطعةُ الرَّافعةُ للشبهةِ، وأمَّا اقتصارُ مالكٍ على قولِه: "لا يرثُ المسلمُ الكافرَ" فهذا موضعٌ اختَلَف فيه العلماء، فكأنَّ مالكًا رحمه اللهُ قصَد إلى النُّكتةِ التي للقول فيها مدخلٌ، فقطَع بذلك بما رَواه من صحيح الأثرِ فيه؛ وذلك أنَّ معاذَ بنَ جبلٍ، ومعاوية، وسعيدَ بنَ المسيِّب، ويحيى بنَ بِشْر (٣)، ومسروقَ بنَ الأجدع، ومحمدَ ابنَ الحنفيةِ، وأبا جعفرٍ محمدَ بنَ عليٍّ، وعبدَ الله بنَ مَعْقِل (٤)، وفرقةً قالت بقولهم، منهم: إسحاقُ بنُ راهويَة (٥) على اختلافٍ عنه في


= فهذا حديثٌ أخطأ فيه مالك والنُّقاد على هذا، فقد قال التِّرمذي ٣/ ٦١٠: "وحديثُ مالك وَهَمٌ، وَهِمَ فيه مالك، وقد رواه بعضهم عن مالك فقال: عَمْرو بن عثمان، وأكثر أصحاب مالك قالوا: عن مالك، عن عُمر بن عثمان".
وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٦/ ٢٩١ عن المُزني، عن الشافعي، أنَّه قال: وَهِم مالكٌ في ثلاثة أسامي، قال: عُمر بن عثمان، وإنما هو عَمْرو بن عثمان، وقال: عُمر بن الحكم وإنما هو معاوية بن الحكم السُّلمي، وقال: عبد الملك بن قُرير، وإنَّما هو عبد العزيز بن قُرير.
(١) هي زيادةٌ صحيحة، بل هي أصل الحديث، وقد وراه كذلك البخاري في صحيحه (٦٣٨٣)، ومسلم في صحيحه (١٦١٤) كلاهما بلفظ: "يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم"، فهذا أصل الحديث، وأمَّا مالك فقد اختصر.
(٢) انظر: مراتب الإجماع لابن حزم، ص ٩٨، ونقل النَّوويُّ الإجماعَ في بداية كتاب الفرائض من شرحه على صحيح مسلم ١١/ ٥٢.
(٣) هكذا في النسخ وإن كانت ممحوّة في ش ٤، وهو خطأ صوابه: يحيى بن يعمر، كما في الاستذكار ١٥/ ٤٩١، وهو: يحيى بن يعمر العدواني البصري، المتوفى قبل التسعين. ينظر: تهذيب الكمال ٣٢/ ٥٣ - ٥٥، وتاريخ الإسلام ٢/ ١١٨٦ - ١١٨٧.
(٤) وقع في بعض النسخ: "عبد الله بن نوفل"، وفي الأصل: "نفيل"، وكله تحريف لا ريب فيه، وصوابه: عبد الله بن معقل، وهو: ابن مقرن المزني أبو الوليد الكوفي المتوفى في البصرة سنة بضع وثمانين. وترجمته في تهذيب الكمال ١٦/ ١٦٩ والتعليق عليه، وحديثه المشار إليه أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٢١٠٢)، وسعيد بن منصور في سننه (١٤٧)، وابن المنذر في الأوسط ٧/ ٤٦٤، وهو في الأصل قول معاوية بن أبي سفيان أخذ به هؤلاء.
(٥) انظر: معالم السنن للخطابي ٤/ ١٠١، وشرح السُّنة للبغوي ٨/ ٤٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>