للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالكٌ (١)، والشافعيُّ (٢): المرتدُّ لا يرثُ ولا يورَثُ، فإن قُتِل على ردَّتِه، فمالُه في بيتِ مالِ المسلمين، يجري مجرَى الفَيء. وهو قولُ زيدِ بنِ ثابت، وربيعة. والحجَّةُ لمن ذهَب هذا المذهبَ ظاهِرُ القرآنِ في قطع ولايَةِ الكفارِ من المؤمنين، وعمومُ قولِ رسولِ الله - صلي الله عليه وسلم -: "لا يرثُ المسلمُ الكافرَ". فلم يخُصَّ كافرًا مُستقِرَّ الدِّين أو مرتدًّا، وليس يصيرُ ميراثُه في بيتِ المالِ من جهةِ الميراث، ولكن سُلِك به سبيلُ كلِّ مالٍ يرجعُ على المسلمين لا مُستَحِقَّ له، وهو فيءٌ؛ لأنه كافِرٌ ولا عهدَ له، ولا حُجَّةَ لهم في قولِ عليٍّ؛ لأنَّ زيدَ بنَ ثابتٍ يُخالِفُه، وإذا وجِد الخلافُ وجب النَّظَرُ وطلَبُ الحجَّةِ، والحجَّةُ قائمَةٌ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرثُ المسلمُ الكافرَ" قولًا عامًّا مطلقًا، والمرتدُّ كافرٌ لا محالة، وقد يجوزُ أن يكونَ عليُّ بنُ أبي طالب صرَف مالَ ذلك المرتدِّ إلى ورثتِه لما رأى في ذلك من المصلحةِ؛ لأنَّ ما يُصرَفُ إلى بيت المالِ من الأموالِ فسبيلُه أن يُصرَفَ في المصالح.

وقد روى معمرٌ، عمَّن سَمِع الحسنَ، قال في المرتدِّ: ميراثُه للمسلمين، وقد كانوا يطيِّبونَه لورثتِه (٣).

ورَوَى الثوريُّ، عن عَمْرِو بنِ عُبيدٍ، عن الحسنِ، قال: كان المسلمون يطيِّبونَ لورثةِ المرتدِّ ميراثَه (٤).

وقد أخبرنا إبراهيمُ بنُ شاكر، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ عثمانَ، قال: حدَّثنا طاهرُ بنُ عبدِ العزيز، قال: حدَّثنا عَبّادُ بنُ محمدِ بنِ عَبّاد، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ أبي


(١) انظر: المدونة ٢/ ٥٩٧.
(٢) انظر: الأم ٤/ ٧٦، وانظر في الأقوال والتعليل: شرح البخاري لابن بطّال ٨/ ٣٨٠.
(٣) أخرجه عبد الرَّزاق في المصنَّف (١٠١٤٦، ١٩٢٩١) عن معمر، به.
(٤) أخرجه عبد الرَّزاق في المصنَّف (١٩٢٩٩)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٢٠٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>