للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الجلسةِ الأُولى، فإن الإمامَ وغيرَه لا يكبِّرُ حتى يستقيمَ قائمًا، فإذا اعتدَل قائمًا كبَّر، ولا يكبِّرُ إلا واقفًا، كما لا يكبِّرُ في الإحرام إلا واقفًا، ما لم تكنْ ضرورةٌ. وقد رُوِي نحوُ ذلك عن عمرَ بنِ عبدِ العزيز.

وقال أبو حنيفةَ، والثوريُّ، والشافعيُّ (١)، وجمهورُ العلماء (٢): التكبيرُ في القيام من اثنتين وغيرِهما سواءٌ، يكبِّرُ في حالِ الخفضِ والرفع والقيام والقُعودِ، على ظاهرِ حديثِ ابنِ مسعودٍ وغيره في ذلك؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكبِّرُ كلَّما خفَض ورفَع، وفي كلِّ خفضٍ ورفعٍ، وقيامٍ وقعودٍ.

حدَّثنا عبدُ الوارثِ، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح، قال: حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ إبراهيمَ دُحيمٌ، قال: أخبرنا الوليدُ، قال: سألتُ الأوزاعيَّ عن تكبيرةِ السجدةِ التي بعدَ: سمِع اللهُ لمن حمِده، فقال: كان مكحولٌ يكبِّرُها وهو قائمٌ ثم يَهْوي إلى السجودِ، وكان القاسمُ بنُ محمدٍ (٣) يكبِّرُها وهو يَهْوي إلى السجودِ، فقيل للقاسم: إنّ مكحولًا يكبِّرُها وهو قائمٌ، قال: وما يدري مكحولٌ ما هذا (٤)؟


(١) سقط من م.
(٢) مذهب جمهور العلماء كما ذكر غير واحد التكبير حين العمل. انظر: شرح صحيح مسلم للنووي ٤/ ٩٩، وفتح الباري لابن حجر ٢/ ٢٧٣.
(٣) في الأصل: "القاسم بن عميرة"، وهو غلط محض، إذ لا يوجد من الفقهاء من يعرف بهذا الاسم، ولعل الصواب ما أثبتنا.
(٤) في هذا الأثر يتبيَّن أنَّ مكحولًا كان يكبر قبل الهوي والعمل، فينتهي من التكبير قبل البدء بالعمل، وهذا خلاف عمل الكافة، لذا أتبع المصنِّف هذا الأثر بما يخالفه من قولِ وفعل القاسم بن محمد، ومكحولٌ لا يُقارن بالقاسم في الفقه والعلم، فالقاسم كان أحد الفقهاء السبعة الذين تدور عليهم الفتوى، لذا فرأيُه هو وعملُه مُقدَّم على رأي مكحول وفعله، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>