للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث إنّما أتَى من مالك، وهو الذي كان ربَّما وهِمَ فيه (١)؛ لأنَّ جماعةً حُفّاظًا رَوَوا عنه الوَجْهَين جميعًا.

قال أبو عُمر: هذا الحديثُ أحدُ الأحاديثِ الأربعةِ التي رفَعها سالم، عن أبيه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأوقَفَها نافعٌ عن ابنِ عمر (٢)؛ فمنها ما جعَله من قولِ ابنِ عمرَ وفعلِه، ومنها ما جعَله عن ابنِ عمرَ، عن عمرَ، والقولُ فيها قولُ سالم، ولم يَلتفتِ الناسُ فيها إلى نافع؛ فهذا أحدُها.

والثاني: "من باعَ عبدًا وله مالٌ" (٣). جعَله نافعٌ عن ابنِ عمرَ، عن عمرَ قولَه.


(١) مصير المصنف إلى أنَّ الوهم في هذا الحديث قد يكون من مالك رحمه الله سلوك سليم، لا سيما أنَّ جمهرة الحفاظ على خلاف ما روى مالك من إسقاط الرَّفع عند الرُّكوع، وقد مضى تصويب الدَّارقطني رواية غير مالك.
(٢) رواه موقوفًا: محمد بن الحسن الشيباني في الموطأ (١٠٠)، والبُخاري في رفع اليدين في الصلاة (٥٠).
(٣) أخرج حديث سالم المرفوع: البُخاري في صحيحه (٢٣٧٩) عن عبد الله بن يوسف، عن الليث، عن ابن شهاب، عن سالم، به، وفيه: "ومن ابتاع نخلًا بعد أن تؤبر ... "، ومسلم في الصحيح (١٥٤٣) (٨٠) من طرق عن الليث، عن ابن شهاب، به.
أما الرواية الموقوفة عن نافع عن ابن عمر فقد أخرجها مالك في الموطأ (١٧٨٨)، وأشار إليها البخاري في صحيحه (٢٣٧٩) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، وأبو داود في السنن (٣٤٣٤) عن القَعْنبي، عن مالك.
وقد اختلف النُّقّاد في الصواب من هذه الأحاديث، فمرّ أن ابن عبد البر يُقدم رواية سالم، وكذلك البخاري وابن المديني، إلا أن مسلمًا والنسائي والدَّارقطني يُقدِّمون رواية نافع.
قال الدارقطني في التَّتبع، ص ٢٩٤ بعد أن أخرج حديث سالم وعزاه للبخاري ومسلم: وقد خالفه نافع عن عبد الله بن عمر عن عمر، وقال النسائي: سالم أجل في القلب، والقول قول نافع.
وفي العلل الكبير للترمذي ١/ ١٨٥ أنه سأل البخاري عن حديث سالم المرفوع وحديث نافع الموقوف على عمر "من باع عبدًا": أيهما أصح؟ قال: إن نافعًا يُخالف سالمًا في أحاديث، وهذا من تلك الأحاديث. روى سالم عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال نافع عن ابن عمر، عن عمر، قال الترمذي: كأنه رأى الحديثين صحيحين أنه يُحتمل عنهما جميعًا. ونقل في السنن عقب حديث (١٢٤٤) =

<<  <  ج: ص:  >  >>