للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حديثِ ابنِ عمرَ. قال أحمدُ بنُ خالد: وكان عندَنا جماعةٌ من عُلمائِنا يَرفَعُونَ أيديَهم في الصَّلاة، على حديثِ ابنِ عمرَ وروايِة مَن روَى ذلك عن مالك، وجماعةٌ لا يَرفَعُون إلّا في الإحرام، على روايةِ ابنِ القاسم، فما عاب هؤلاءِ على هؤلاء، ولا هؤلاءِ على هؤلاء.

وسمعتُ (١) شيخَنا أبا عمرَ أحمدَ بنَ عبدِ الملك بن هاشم رحمه الله يقولُ: كان أبو إبراهيمَ إسحاقُ بنُ إبراهيمَ شيخُنا يَرفَعُ يدَيْه كلما خفَض ورفَع، على حديثِ ابنِ عمرَ في "الموطأ"، وكان أفضلَ من رأيتُ وأفْقَهَهم وأصحَّهم عِلْمًا ودينًا، فقلتُ له: فلِمَ لا تَرفَعُ أنتَ فيُقْتَدَى بكَ؟ قال لي: لا، لا أُخالِفُ روايةَ ابنِ القاسم (٢)؛ لأنّ الجماعةَ لدَيْنا اليومَ عليها، ومخالفةُ الجماعةِ فيما قد أُبِيحَ لنا ليس من شِيَم الأئمّة.

وقال محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ عبدِ الحكم: الذي آخُذُ به في رَفْعِ اليدَيْن أن أرْفَعَ، على حديثِ ابنِ عمرَ. قال: ولم يَرْوِ أحدٌ عن مالك مثلَ روايةِ ابنِ القاسم في رَفْع اليدَيْن (٣).

أخبرنا عبدُ الله بنُ محمد، قال: حدَّثنا عبدُ الحميد، قال: حدَّثنا الخضِرُ، قال: حدَّثنا الأثْرَمُ، قال: حَضَرْتُ أبا عبدِ الله - يعني أحمدَ بنَ حنبل (٤) - وقال له رجلٌ


(١) قائل ذلك هو ابن عبد البرّ، ذلك أن أحمد بن عبد الملك بن هاشم أبا عمر ابن المكوي الإشبيلي هو شيخه الذي تفقه عليه وأخذ عنه "المدونة" وكتاب "الاستيعاب في رأي مالك"، تنظر: الصلة البشكوالية (٣٨)، وترتيب المدارك ٧/ ١٢٣، وتاريخ الإسلام ٩/ ٢٥.
(٢) المحفوظ أن مشهور المذهب رواية ابن القاسم كما في المدونة، ولو خالفت صريح ما روى مالك في موطئه، ولذلك من مال إلى الحديث من شيوخ المالكية يأخذ بروأيات الموطأ ولو خالفت ما في المدونة، ومن تمسَّك بالمذهب قدّم روايات المدونة وإن خالفت صريح ما في الموطأ.
(٣) انظر: طرح التثريب للعراقي ٢/ ٢٥٤، وقال ابن حزم في المُحلّى ٣/ ٣: فأما رواية ابن القاسم عن مالك فما نعلم لها وجهًا أصلًا، ولا تعلُّقًا بشيءٍ من الروايات، ولا قائلًا بها من الصحابة ولا من التابعين.
(٤) في الأصل: "حضرت أحمد بن حنبل"، والمثبت من بقية النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>