للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخاه في الحياء، يقول: إنَّك لتَسْتَحي حتى أنَّه قد أضَرَّ بك. فقال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "دَعْه، فإنَّ الحياءَ مِن الإيمانِ" (١).

ومعنى هذا الحديث، واللّه أعلمُ: أنَّ الحياءَ يَمنَعُ من كثيرٍ من الفُحْشِ والفَواحِش، ويشتملُ (٢) على كثيرٍ من أعمالِ البِرِّ، وبهذا صارَ جزءًا وشُعبةً من الإيمان؛ لأنّه وإن كان غَريزةً مُركَّبةً في المرء، فإنَّ المُستَحِيَ يَندَفعُ بالحياءِ عن كثيرٍ من المَعاصي، كما يَندَفِعُ بالإيمانِ عنها إذا عَصَمَه اللهُ، فكأنّه شُعبةٌ منه؛ لأنّه يعملُ عملَه، فلمّا صار الحياءُ والإيمانُ يعملانِ عملًا واحدًا، جُعِلا كالشيءِ الواحد، وإن كان الإيمانُ اكتِسابًا، والحياءُ غَرِيزة.

والإيمانُ شُعَبٌ كثيرة (٣)؛ حَدَّثَنَا أبو عبدِ الله محمدُ بنُ عبدِ الملكِ رحمه الله، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الله بنُ مسرور، قال: حَدَّثَنَا عيسى بنُ مِسْكِين، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ سَنْجَرَ الجُرْجانيُّ، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم الفضلُ بنُ دُكَيْن (٤)، قال: حَدَّثَنَا سفيانُ الثَّوريُّ، عن سُهَيْل بنِ أبي صالح، عن عبدِ الله بنِ دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرةَ، أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الإيمانُ بِضْعٌ وسبعون شُعبةً، أعظمُها لا إلهَ إلّا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذَى عن الطريق، والحياءُ شُعبةً مِن الإيمان" (٥).


(١) أخرجه البخاري (٦١١٨) عن أحمد بن يونس، عن عبد العزيز بن أبي سلمة، به.
(٢) في ش ٤: "يحمل"، والمثبت من الأصل.
(٣) انظر أيضًا: الإبانة للعكبري ٢/ ٦٥٦ عقب رواية حديث (٨٤٣).
(٤) في الأصل: "مسكين"، وهو تحريف قبيح.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٥٨٤٨)، وأحمد في المسند (٩٧١٠)، وابن ماجة (٥٧)، وأبو داود (٤٦٧٦)، والترمذي (٢٦١٤)، والنسائي في المجتبى ٨/ ١١٠، وابن حبان (١٦٦) وغيرهم من طريق سهيل بن أبي صالح. وهو في الصحيحين: البخاري (٩)، ومسلم (٣٥) من طريق سليمان بن بلال، عن أبي صالح ذكوان السمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>