للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عُمر: قولُ ابنِ عبدِ الحكم وما حَكاه أيضًا عن أشهبَ في تَذْكِيَةِ السِّباع، عليه جمهورُ الفقهاءِ من أهلِ النَّظَر والأثرِ بالحِجازِ والعراقِ والشَّام، وهو الصحيحُ، وهو الذي يُشبِهُ أصلَ مالكٍ في ذلك، ولا يَصِحُّ أنْ يُتَقلَّدَ غيرُه؛ لوُضُوح الدليلِ (١) عليه، ولو لم يُعتبَرْ (٢) ذلك إلّا بما ذَبَحَه المحرِمُ، أو ذُبِحَ في الحرم، أنَّ ذلك لا يكونُ ذَكاةً للمذبوح؛ للنهي الواردِ فيه، وبالخنزيرِ أيضًا، وقد أجمَع المسلمون أنَّ الخلافَ ليس بحُجَّة، وأنَّ عندَه يَلزَمُ طلبُ الدليلِ والحُجَّة؛ ليبينَ الحقُّ منه، وقد بانَ الدليلُ الواضحُ من السُّنَّةِ الثابتةِ في تحريم السِّباع، ومحالٌ أن تَعْملَ فيها الذَّكاةُ، وإذا لم تَعملْ فيها الذَّكاةُ فأكثرُ أحوالِها أن تكونَ مَيْتة، فتطهُرَ بالدِّباغ، هذا أولى (٣) الأقاويلِ في هذا الباب. ولِما رواه أشهبُ عن مالكٍ وجْهٌ أيضًا، وأمّا ما رواه ابنُ القاسم عن مالكٍ فلا وجهَ له يصِحُّ، إلّا ما ذكروا (٤) من تأويلِهم في النَّهْيِ أنّه على التنزُّهِ لا على التحريم، وهذا تأويلٌ ضعيفٌ، لا يَعضُدُه دليلٌ صحيحٌ (٥)، وباللَّه تعالى التوفيق (٦).


(١) في ق، ف ١: "الدلائل".
(٢) في الأصل: "يختبر"، والمثبت من ق، ف ١.
(٣) في ق، ف ١: "أصحّ"، وهي نسخة أشار إليها ناسخ الأصل في الحاشية.
(٤) أشار ناسخ الأصل إلى أنها في نسخة أخرى: "ذكرنا".
(٥) قوله: "صحيح" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في ف ١ وغيرها.
(٦) جاء في حاشية الأصل: "بلغت المقابلة بحمد اللَّه وحسن عونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>