للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رَوَينا عن سعيدِ بنِ المُسيِّب الله قال: قلَّةُ الحياءِ كُفْرٌ. وبعضُهم يَرفَعُه عنه (١).

وهذا صحيحُ المعنى على الضِّدِّ، لأنّ مَن لا يَسْتَحِي لا يُبالي من العارِ والمعاصي ما يأتي، وكان المُسْتَحِي من أجلِ حيائِه مُرْتَدِعًا عن الفواحِشِ والعارِ والكبائر، فصارَ الحياءُ من الإيمان، لأنَّ الإيمانَ عندَنا معَ التَّصديقِ: الطاعاتُ وأعمالُ البِرِّ، ولذلك صارَ الخُلُقُ الحَسَنُ من كمالِ الإيمانِ وتمامِه على هذا المَعْني، لأنَّ صاحِبَه يَصبِرُ، فلا يَشْفي غيظَه بما يُسْخِطُ ربَّه، وَيحْلُمُ فلا يَفْحُشُ، ولا يَنتَصِرُ بلِسانٍ ولا يَدٍ، ونحوُ هذا ممّا لا يخرُجُ عن معنَى ما وصَفنا.

حَدَّثَنَا عبدُ الوارث بنُ سفيانَ، قال: حَدَّثَنَا قاسمُ بنُ أصْبَغَ، قال: حَدَّثَنَا جعفرُ بنُ محمد، قال: حَدَّثَنَا عَفّانُ، قال: حَدَّثَنَا حمادُ بنُ سَلَمةَ، عن محمدِ بنِ زياد، قال: سمِعتُ أبا هريرةَ يقولُ: إنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إنَّ أكمَلَكم إيمانًا أحاسِنكم أخلاقًا إذا فَقِهُوا" (٢).

وحَدَّثَنَا عبدُ الوارث، قال: حَدَّثَنَا قاسمٌ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بنُ الجَهْم (٣)،


(١) لَمْ نقف على كلام ابن المسيِّب. أمَّا المرفوع فقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٥٨٥٨)، وهنّاد بن السَّري في الزهد (١٣٥٢)، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (٨٤) وغيرهم، كلهم من طريق الأحوص بن حكيم، عن ابن عون، عن ابن المسيب مرفوعًا، وهو فضلًا عن كونه حديثًا مرسلًا فهو من رواية الأحوص بن حكيم وهو ضعيفٌ كما في تحرير التقريب ١/ ١٠٧ (٢٠٩).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (١٠٠٢٢) عن عبد الرَّحمن بن مهدي، عن حماد، به. وفي (١٠٢٣٢) عن وكيع، عن حماد، به. والبخاري في الأدب المفرد (٢٨٥) عن الحجاج بن منهال، عن حماد، به. وابن حِبّان في الصحيح (٩١) عن عمران بن موسى، عن هُدْبة بن خالد، عن حماد، به.
(٣) هو أبو عبد الله السِّمَّري الكاتب، ترجمته في تاريخ الإسلام ٦/ ٦٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>