للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك رواه حمّادُ بنُ زيد، عن أيوب، كما رواه حمّادُ بنُ سَلَمة، سواءً بإسنادِه (١).

ورواه عن حمّادِ بنِ زيدٍ جماعةٌ من أصحابه، منهم: أبو عمرَ الضَّرِيرُ، ومُؤمَّلُ بنُ إسماعيل، وسليمانُ بنُ حَرْب (٢)، وغيرُهم. وهذا لفظُ حديثِ مُؤمَّل، عن حمّادِ بنِ زيد، قال: كَلَّمْتُ أبا حنيفةَ في الإرجاء، فجعَل يقولُ وأقولُ، فقلتُ له: حَدَّثَنَا أيوبُ، عن أبي قِلابة، قال: حدَّثني رجلٌ من أهل الشام، عن أبيه، ثم ذكَر الحديثَ سواءً إلى آخِرِه. قال حمّادٌ: فقلتُ لأبي حنيفة: ألا تَراه يقولُ: أيُّ الإسلام أفضلُ؟ قال: والإيمانُ؟ ثم جعَل الهجرةَ والجهادَ من الإيمان. قال: فسكَت أبو حنيفةَ، فقال بعضُ أصحابه: ألا تُجيبُه يا أبا حنيفة؟ قال: لا أُجِيبُه وهو يُحدِّثُني بهذا عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وفي رواية مُؤَمَّل وغيرِه في هذا الحديث، عن حمادِ بنِ زيد، قال: كنتُ بمكةَ مع أبي حنيفةَ، فجاءَه رجلٌ، فسأله عن الإيمانِ وعن الإسلام، فقال: الإسلامُ والإيمانُ واحدٌ. فقلتُ له: يا أبا حنيفةَ، حَدَّثَنَا أيوبُ، عن أبي قِلابة، وذكَره.

قال أبو عُمر: أكثرُ أصحاب مالك على أنَّ الإسلامَ والإيمانَ شيءٌ واحدٌ، ذكَر ذلك ابنُ بُكَيْر في الأحكام، واحتجَّ بقول الله عزَّ وجلَّ: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: ٣٥، ٣٦]، أي: غيرَ بيتٍ منهم. قالوا: وأمّا قولُه جلَّ وعزَّ: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: ١٤]، فـ {أَسْلَمْنَا} هنا بمعنى: استَسْلَمْنا مخافةَ السِّباءِ والقتل، كذلك قال مُجاهِدٌ (٣) وغيرُه.


(١) أخرجه ابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (٣٩٢) عن محمد بن عُبيد بن حِسَاب، عن حماد، به.
(٢) أخرجه إسماعيل القاضي في جزء حديث أيوب السختياني (٤٧)، عن عارم وسليمان، به. والبيهقي في شعب الإيمان (٢٢) من طريق سليمان بن حرب، به.
(٣) أخرجه الطبري في التفسير ٢١/ ٣٩١ - ٣٩٢، وعزاه السيوطي في الدُّر المنثور ٧/ ٥٨٢ لعبد بن حُميد، وابن جرير، وابن المنذر، عن مجاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>