للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا قُمنا إلى التّأسيسِ شدَّت ... تُهيِّبنا البِناءَ وقد تُهابُ

فلمّا أن خَشِينا الرِّجزَ جاءت ... عُقاب تَتْلِئبُّ (١) لها انصِبابُ

فضمَّتها إليها ثُمَّ خلَّت ... لنا البُنيان ليس لهُ حِجابُ

فقُمنا حاشِدينَ إلى بِناءٍ ... لنا منهُ القواعِدُ والتُّرابُ

غَداةَ نرفِّعُ التَّاسيسَ منهُ ... وليس على مُسوِّينا (٢) ثيابُ (٣)

أعزَّ به المليكُ بني لُؤيٍّ ... فليسَ لأصلِهِ منهُم ذهابُ

وقد حَشَدت هُناكَ بنُو عديٍّ ... ومُرَّةُ قد تَعمَّدَها (٤) كِلابُ

فبوَّأَنا المَلِيكُ بذاك عِزًّا ... وعندَ الله يُلتمسُ الثَّوابُ

قال ابنُ إسحاق (٥): فلمّا بلغَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خمسًا وثلاثين سنةً، وذلك بعد الفِجار بخمسَ عشْرةَ سنةً، اجْتَمعت قُريشٌ لبُنيانِ الكَعْبةِ، وكانوا يهُمُّون بذلكَ ليسقُفُوها، وَيهابُون هَدْمها، وأنَّها [كانت] (٦) رَضْمًا فوقَ القامَةِ، فأرادُوا رفعَها وتَسْقيفَها. وذلكَ أنَّ نفرًا سَرَقُوا كَنْز الكعبةِ، وإنَّما كان يكونُ في بئرٍ في جَوْفِ الكَعْبةِ، وكان الذي وُجِد عِندهُ الكنزُ دُوَيكٌ، مولًى لبني مُلَيْح بن عَمْرو بن خُزاعة، فقَطَعتْ قُريشٌ يدهُ، وتزعُمُ قُريشٌ أنَّ الذين سَرَقُوهُ وضَعُوهُ عِند دُوَيك، وكان البَحْرُ قد رَمَى سَفِينةً إلى جُدَّة لرَجُل من تُجّارِ الرُّوم، فتَحطَّمت، فأخذُوا


(١) قوله: "تتلئب" أي: تتتابع. انظر: الأغاني ٦/ ٢٨٩.
(٢) قال ابن هشام: "ويروى: مُساوِينا".
(٣) أي: مسوّي البنيان، قال السهيلي: "هو في معنى الحديث الصحيح في نقلانهم الحجارة إلى الكعبة، أنهم كانوا ينقلونها عراة". الروض الأنف ١/ ٢٢٩.
(٤) في السيرة: "تقدّمها".
(٥) سيرة ابن هشام ١/ ١٩٢.
(٦) هذه الكلمة لم ترد في النسخ، ولا بد منها فأثبتناها من السيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>