للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجَلْسةُ الوُسطى لا تخلُو مِن أن تكون مخصوصةً، فلا يجُوزُ القياسُ عليها، أو تكون سُنَّةً، فذلك أبعدُ من أن يُقاسَ عليها الفرضُ.

وقد قامَتِ (١) الدَّلائلُ على فرضِ القيام والرُّكُوع والسُّجُودِ، من القُرآنِ والسُّنَّةِ والإجماع، وقد ذكرناها وكلِّ (٢) أعمالِ البدَنِ، قياسًا على ذلك، إلّا ما خصَّتهُ السُّنَّةُ من الجَلْسةِ الوُسطَى، فلا وجهَ لقولِ ابن عُليَّةَ، مع شُذُوذِهِ أيضًا فيه.

والقولُ بأنَّ الجلْسةَ الوُسطَى ليست من فرائضِ الصَّلاةِ أولى بالصَّوابِ، واللّهُ أعلمُ؛ لأنِّي رأيتُ الفرائضَ يَسْتوي في تَرْكها السَّهوُ والعمدُ، إلّا في المأثم، ألا تَرَى أنَّهُ تفسُدُ صلاةُ من سَها عن مسح رأسِهِ، ومن تعمَّدَ ذلك، ومن سَها عن سَجْدةٍ، ومن تعمَّدَ ذلك؟ وسائرُ الفَرائضِ في الصَّلاةِ والطَّهارةِ على هذا، إلّا أنَّ المُتعمِّد آثِمٌ، والسّاهيَ قد رفَعَ اللهُ عنهُ الإثم. فلو كانتِ الجَلْسةُ الوُسطَى فرضًا، للزِمَ السّاهيَ عنها الانصِرافُ إليها، والإتيانُ بها، ولفسَدَت صلاتُهُ بتركِ الرُّجُوع إليها، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد سُبِّحَ بهِ لها، فما انصرف إليها، وحسبُك بهذا حُجَّةً لمن يُعانِدُ، واللّهُ نسألُهُ العِصْمةَ والتَّوفيقَ.

حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داود، قال (٣): حدَّثنا عُبيدُ الله بن عُمر الجُشميُّ. وحدَّثنا عبدُ الوارِثِ بن سُفيان،


(١) في ر ١: "قدمت"، وفي م: "قد قامت".
(٢) في ر ١: "أكمل".
(٣) في سننه (١٠٣٧). وأخرجه أحمد في مسنده ٣٠/ ١٠٠، ١٥٦ (١٨١٦٣، ١٨٢١٦)، والدارمي ١/ ٤٢١ (١٥٠١)، والترمذي (٣٦٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤٣٩، والطبراني في الكبير ٢٠/ ٤٢٢ (١٠١٩)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٣٣٨، من طريق المسعودي، به. وانظر: المسند الجامع ١٥/ ٤٠٤ (١١٧٥٢)، وقال الترمذي: حسن صحيح. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة بن شعبة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>