للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليست من فرائضِ الصَّلاةِ، وهذه الآثارُ مُوافِقةٌ لحديثِ ابن بُحينة من وجهٍ، مُخَالِفةٌ لهُ من آخر؛ لأنَّ فيها السُّجُود بعد السَّلام، وبهذه الآثارِ يحتجُّ من رأى السُّجُودَ بعد السَّلام، في الزِّيادةِ والنُّقصانِ.

واختلَفَ العُلماءُ في سُجُودِ السَّهوِ، فقال ابنُ شِهابٍ الزُّهْريُّ، ويحيى بن سعيدٍ الأنصاريُّ، وربيعةُ بن أبي عبدِ الرَّحمنِ، والأوزاعيُّ، واللَّيثُ بن سعدٍ، والشَّافِعيُّ: السُّجُودُ كلُّهُ قبلَ السَّلام. ورُوِيَ هذا القولُ عن أبي هُريرة، وابنِ أبي السّائبِ، وعبدِ الله بن الزُّبيرِ، ومُعاوية، وابنِ عبّاسٍ، وبه قال مكحُولٌ (١).

والحُجَّةُ لقائلِهِ: حديثُ عبدِ الله بن بُحَينةَ هذا، من رِوايةِ ابن شهاب، ويحيى بن سعيدٍ، عن الأعرج، عن ابن (٢) بُحَينةَ، وهُو أقوى إسنادًا من حديثِ المُغيرةِ وأثبتُ. وحُجَّتُهُم في الزِّيادةِ: حديثُ أبي سعيدٍ الخُدريِّ، وابنِ عبّاس، وعبدِ الرَّحمنِ بن عوفٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في البِناءِ على اليَقينِ، والسُّجُودِ في ذلكَ قبلَ السَّلام، وقد ذكرنا الحديث في ذلكَ، في بابِ زيدِ بن أسلم (٣).

حدَّثني خلفُ بن القاسم الحافِظُ، قال: حدَّثني عبدُ الرَّحمنِ بن عُمر بن راشِدٍ البَجَليُّ بدِمشقَ، قال: حدَّثنا أبو زُرعةَ، قال: حدَّثنا أبو مُسهِرٍ، عن محمدِ بن مُهاجِرٍ، عن أخيهِ عَمرو بن مُهاجِرٍ، أنَّ الزُّهريَّ قال لعُمر بن عبدِ العزيزِ: السَّجدتانِ قبل السَّلام؟ فقال عُمرُ: أبَى ذلكَ أبو سلمَةَ بن عبدِ الرَّحمنِ يا زُهريُّ (٤).


(١) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٣٤٩٠، ٣٤٩٢)، وابن أبي شيبة (٤٤٨٢) فما بعد، وابن المنذر في الأوسط (١٦٧٣، ١٧٠٢).
(٢) في ر ١: "أبي". وفي ض، م: "ابن أبي". وكلاهما خطأ، والحديث أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٥٢ (٢٥٧،٢٥٦).
(٣) من قوله: "والسجود" إلى هنا سقط من ر ١.
(٤) أخرجه أبو بكر الباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز، ص ١٣١ (٦٨)، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه ١/ ٥١٩، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٣٤١ من طريق محمد بن مهاجر، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>