للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُعبة. وزعمَ أنَّهُ زاد على حديثِ ابن بُحينةَ زيادةً يجِبُ قبُولهُا، وحجَّتُهُ حديثُ علقمةَ، عن ابن مسعُودٍ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّما أنا بَشرٌ أنسَى كما تَنْسَونَ، فإذا شكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ، فليتحرَّ الصَّوابَ، فإذا سلَّمَ، فليسجُد سَجْدتينِ" (١).

وقد أوضحنا الحُجَّة لهذه الأقوالِ من جِهةِ النَّظرِ، في بابِ زيدِ بن أسلم، والحمدُ لله.

واختلفُوا في التَّشهُّدِ في سَجْدتيِ السَّهوِ والسَّلام منهُما:

فقالت طائفةٌ: لا تَشهُّدَ فيهما ولا تَسْليمَ، ورُوي ذلك عن أنسِ بن مالكٍ (٢)، والحسنِ البصريِّ (٣)، ورِواية عن عطاءٍ (٤)، وهُو قولُ الأوزاعيِّ، والشّافِعيِّ؛ لأنَّ السُّجُودَ كلَّهُ عِندَهُما قبل السَّلام، فلا وجَهَ لإعادةِ التَّشهُّدِ عِندهُما، وقد رُوي عن عطاءٍ: إن شاء تشهَّدَ وسلَّمَ، وإن شاء لم يفعَلْ (٥).

وقال آخرُونَ: يتشهَّدُ فيهما ولا يُسلِّمُ. قالهُ يزيدُ بن قُسَيطٍ، ورِوايةٌ عن الحكَم، وحمّادٍ، والنَّخعيِّ، وقتادة (٦)، وبه قال مالكٌ وأكثرُ أصحابِهِ، واللَّيثُ بن سعدٍ والثَّوريُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُهُ.

وقال أحمدُ بن حنبل: إن سجَدَ قبل السَّلام، لم يتشهَّدَ، وإن سجَدَ بعد السَّلام تشهَّدَ (٧)، وبهذا قال جماعةٌ من أصحابِ مالكٍ، ورُوي أيضًا عن مالكٍ (٨).


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٦/ ٨٧ (٣٦٠٢)، والبخاري (٤٠١)، ومسلم (٥٧٢) من طريق إبراهيم، عن علقمة، به. وانظر: المسند الجامع ١١/ ٥٦١ - ٥٦٣ (٩٠٦٢).
(٢) انظر: الأوسط لابن المنذر ٣/ ٣٧١.
(٣) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٣٥٠٤).
(٤) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٣٥٠٣)، وابن أبي شيبة (٤٤٩٦).
(٥) انظر: الأوسط لابن المنذر ٣/ ٣١٦.
(٦) زاد هنا في ر ١: "الحكم وحماد". وفي م: "الحكم"، وهو تكرار لا معنى له.
(٧) انظر: المغني لابن قدامة ٢/ ٢٧، وعون المعبود ٣/ ٢٣٩.
(٨) انظر: البيان والتحصيل ١/ ٣٢٧، الاستذكار ١/ ٥٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>