للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الأخبارُ تُوضِّحُ لكَ، أنَّ قولَ عُبيدِ الله بن عديِّ بن الخيارِ لعُثمان: يُصلِّي بالنّاسِ إمامُ فِتنةٍ لم يُرِد بهِ عليَّ بن أبي طالب، ولا سهلَ بن حُنيفٍ، وإنَّما أرادَ بهِ أحَدَ (١) الخارِجينَ عليه، واللهُ أعلمُ.

وذكر الحسنُ بن عليٍّ الحُلوانيُّ، قال: حدَّثنا المُسيَّبُ بن واضِح، قال: سمِعتُ ابن المُباركِ يقولُ: ما صلَّى عليّ بالنّاسِ حين حُصرَ عُثمانُ، إلّا صلاةَ العيدِ وحدَها (٢).

وكان ابنُ واضِح (٣) وغيرُهُ يقولُونَ: إنَّ الذي عَنَى عُبيدُ الله (٤) بقولِهِ: إمامُ فِتنة: عبدُ الرَّحمنِ بن عُدَيسٍ البلويُّ، وهُو الذي أجلَبَ على (٥) عُثمان بأهلِ مِصرَ.

والوجهُ عِندي، واللهُ أعلمُ، في قولِهِ: إمامُ فِتنةٍ، أي: إمامةٌ في فِتنةٍ؛ لأنَّ الجُمُعاتِ والأعيادَ والجماعاتِ، نِظامُها وتمامُها الإمامَةُ، فبِها تكونُ الجماعةُ المحمُودةُ، وببقاءِ النّاسِ بلا إمام، تكونُ الفُرقةُ المنهيُّ عنها. وقد بيَّنّا معنى الجماعَةِ والاعتِصام بالإمامةِ، والتَّحذيرِ من الفُرْقةِ، من أقاويلِ السَّلفِ، وصحيح الأثرِ، في بابِ سُهيل، عِند قولِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله تعالى يُحِبُّ لكُم ثلاثًا ... " الحديثَ، منها: "أن تَعْتصِمُوا بحبلِ الله جميعًا، وأن تُناصِحُوا من ولّاهُ اللهُ أمركُم" (٦). وأوضحنا هذا المعنى هُناكَ، والحمدُ لله.


(١) سقطت هذه اللفظة من ر ١.
(٢) انظر: الاستذكار ٢/ ٣٩٠، وشرح البخاري لابن بطال ٢/ ٣٢٥.
(٣) في ر ١، م: "وضاح"، وهو المسيب بن واضح، المتقدم في الإسناد.
(٤) في ر ١، م: "عثمان".
(٥) زاد هنا في ر ١: "أهل".
(٦) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٥٨٩ - ٥٩٠ (٢٨٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>