للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيدٍ المذكُورِ، واللهُ أعلمُ بما أرادَ بقولِهِ، وبِما أرادَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، والدُّعاءُ خيرٌ كلُّهُ وعِبادةٌ، وحُسنُ عمل، واللهُ لا يُضيعُ أجرَ من أحسنَ عملًا.

وقد رُوي عن أبي هُريرةَ، أنَّهُ كان يقولُ: ما أخافُ أن أُحْرَم الإجابةَ، ولكِنِّي أخافُ أن أُحْرَم الدُّعاء، وهذا عِنْدِي على أنَّهُ حَمَل آيةَ الإجابةِ على العُمُوم والوَعْدِ، واللهُ لا يُخلِفُ الميعاد، ورُوي عن بعضِ التّابِعين، أنَّهُ كان يقولُ: الدّاعي بلا عَمَل، كالرّامي بلا وَتَرٍ، ورُوي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه قال: "لا يَقْبلُ اللهُ دُعاءً من قلبِ لاهٍ، فادعُوهُ وأنتُم مُوقِنُون بالإجابةِ" (١).

وقد عَلِمنا أنْ ليسَ كلُّ النّاسِ تُجابُ دعوتُهُ، ولا في كلِّ وَقْتٍ تُجابُ دَعْوةُ الفاضِل، وأنَّ دَعْوةَ المظلُوم لا تكادُ تُردُّ، وحديثُ أبي سعيدٍ المذكُورُ، الذي هُو في "المُوطَّأ" (٢) من قولِ زيدِ بن أسلَمَ أولى ما قيلَ بهِ، واحتُمِلَ عليهِ من هذا البابِ في الدُّعاءِ، وبالله التَّوفيقُ.

أخبرنا قاسمُ بن محمدٍ قال: حدَّثنا خالدُ بن سَعْدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن عَمرو بن منصورٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ الله بن سَنْجَر، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن صالح، قال: حدَّثنا مُعاويةُ بن صالح، أنَّ ربيعةَ بن يزيدَ حدّثَهم، عن أبي إدريسَ الخَوْلانيِّ، عن أبي هُريرةَ، عن رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قال: "يُسْتجابُ لأحدِكُم ما


(١) أخرجه الترمذي (٣٤٧٩)، والطبراني في الدعاء ١/ ٣٩ (٦٢)، والحاكم في المستدرك ١/ ٤٩٣ من طريق صالح المري، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
وانظر: المسند الجامع ١٧/ ٧١٥ - ٧١٦ (١٤٣٦٤). وصالح المري ضعيف. وقال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
(٢) الموطأ ١/ ٢٩٨ (٥٧٦)، ونصه: عن زيد بن أسلم، أنه كان يقول: ما من داع يدعو، إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يُستجاب له، وإما أن يُدخر له، وإما أن يُكفَّر عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>