للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبيه، عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ولم يُتابَع عبدُ الرَّزّاقِ على ذلكَ، وأنْكَرُوا عليه قولهُ فيه: "عن أبيه".

حَدَّثَنَا عبدُ الله بن محمدِ بن عبدِ المُؤمِن، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بن بكرِ بن عبدِ الرَّزّاقِ التَّمّارُ، قال: سمِعتُ أبا داود يقولُ: لَمْ يُتابِعْ أحدٌ عبد الرَّزّاقِ على قولِهِ في هذا الحديث: "عن أبيه".

هكذا قال أبو داود: لَمْ يُتابع عبدُ الرَّزّاقِ. قال محمدُ بن يحيى الذُّهليُّ: لَمْ يُتابَع معمر على ذلكَ.

فجعلَ محمدُ بن يحيى الخَطأ فيه من مَعْمرٍ، وجعلهُ أبو داود من عبدِ الرَّزّاقِ، على أنَّ محمد بن يحيى لَمْ يَرْوِ حديث مَعْمرٍ هذا، ولا ذكرَهُ في كِتابِهِ في "عِللِ حديثِ الزُّهْريِّ" إلّا عن عبدِ الرَّزّاقِ لا غيرَ.

ثُمَّ قال محمدُ بن يحيى: اجتمعَ مالكٌ، والأوزاعيُّ، ومحمدُ بن إسحاقَ، وصالحُ بن كَيْسان، وابنُ عُيينةَ على رِوايةِ هذا الحديثِ، عن الزُّهْريِّ، عن حرام، لَمْ يقولوا: "عن أبيه" إلّا مَعْمرًا، فإنَّهُ قال فيه: "عن أبيه" فيما حَدَّثَنَا عنهُ عبدُ الرَّزّاقِ، إلّا أنَّ ابن عُيينةَ جمعَ إلى حرام: سعيدَ بن المُسيِّبِ.

قال: وأمّا حديثُ كَسْبِ الحجّام، فمَحْفُوظٌ فيه: "عن أبيه". وقال فيه محمدُ بن إسحاقَ: "عن أبيه، عن جدِّهِ".

هذا كلُّهُ كلامُ محمدِ بن يحيى.

قال أبو عُمر: هذا الحديثُ وإن كانَ مُرسلًا، فهُو حديث مشهُورٌ أرسلَهُ الأئمَّةُ، وحدَّثَ به الثِّقاتُ، واسْتَعملهُ فُقهاءُ الحِجازِ، وتلقَّوهُ بالقَبُولِ، وجَرَى في المدينةِ به العملُ، وقد زعَمَ الشّافِعيُّ: أنَّهُ تَتبَّعَ مَراسيل سعيدِ بن المُسيِّبِ، فألفاها صِحاحًا، وأكثرُ الفُقهاءِ يحتجُّون بها (١).


(١) انظر: جامع التحصيل للعلائي، ص ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>