للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: من حُجَّةِ من ذهَبَ إلى هذا القولِ، ما رواهُ الثَّوريُّ، وغيرُهُ، عن أشعث، عن ابن سيرينَ قال: أوَّلُ جَدَّةٍ أطْعَمها رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أُمُّ أبٍ مع ابنِها (١). ومن جِهَةِ النَّظرِ لا يجُوزُ حَجْبُها بالذُّكُورِ، قياسًا على الأُمِّ، وأُمِّ الأُمِّ.

ووجهٌ آخرُ: أنَّ عدم الأبِ لا يَزِيدُها في فَرْضِها، وإنَّما لها السُّدُسُ على كلِّ حالٍ، فكيفَ يحجُبُها.

ووجهٌ آخرُ: لمّا كانَ الإخوةُ والأخواتُ للأُمِّ يُدْلُون بالأُمِّ، ويَرِثُونَ معها، كانتِ الجدَّةُ كذلكَ تَرِثُ مع الأبِ، وإن كانت تُدلي به.

وقال عليُّ بن أبي طالبٍ، وعُثمانُ بن عفّان، وزيدُ بن ثابت: لا تَرِثُ الجدَّةُ مع ابْنِها (٢). يعنُون أنَّها لا تَرِثُ أُمُّ الأبِ مع الأبِ. وبه قال مالكٌ، والشَّافِعيُّ، وأبو حنيفةَ، وداودُ، وأصحابُهُم (٣).

ومِن حُجَّتِهِم: أنَّ الجدَّ لمّا كان محجُوبًا بالأبِ، وجَبَ أن تكونَ الجدَّةُ أوْلَى أن تكون به محجُوبةً، ولأنَّها أحَدُ أَبَوَي الأبِ، فوجَبَ أن يحجُبها الأبُ.

ووجهٌ آخرُ: أنَّها إذا كانت أُمَّ أُمٍّ، لَمْ تَرِث مع الأُمِّ، فكذلكَ إذا كانت أُمَّ أبٍ، لا تَرِثُ مع الأبِ.

ووجهٌ أَخرُ: أنَّ ابن العَمِّ، وابن الأخ، لا يرِثُ واحِدٌ منهُما مع أبيه، الذي يُدلي به إلى الميِّتِ، فكذلكَ الجدَّةُ أُمُّ الأبِ، لا ترِثُ مع الأبِ، لأنَّها به تُدلي.


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٩٠٩٣)
(٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٩٠٩٠ - ١٩٠٩١)، وابن أبي شيبة (٣١٩٦١ - ٣١٩٦٣).
(٣) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٤٦٨، وكذلك قال إبراهيم النخعي كما في مصنف ابن أبي شيبة (٣١٩٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>