للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُ عُمرَ بن الخطّابِ: إذا أدخلتَ رِجْليكَ في الخُفَّينِ وهُما طاهرتانِ، فامسَحْ عليهما، وإن جئتَ من الغائطِ.

قالوا: فلا يمسَحُ على خُفَّيهِ، إلّا من لَبِسهُما بعد تمام طهارتهِ.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه، والثَّوريُّ، والمزنيُّ، والطَّبريُّ، وداودُ: يُجْزئهُ أن يمسحَ (١).

قالوا: ولا فرقَ بين أن لا يمسَحَ لابسُ خُفَّيهِ حتّى يُتمَّ غسلَ رِجْليهِ، وبين أن يغسلَ رجلًا ويلبسَ فيها خُفًّا، ثمَّ يغسلَ رجلهُ الأُخرى، ويلبسَ الخُفَّ الثّانية، لأنَّ الأمرَ في ذلكَ سواءٌ. قالوا: وقد يُقاسُ بأبعدَ من هذا، وحسبُ كلِّ رِجْلٍ أنَّها لم تُلْبَس الخُفَّ، إلّا وهي طاهرةٌ بطُهرِ الوضُوءِ.

وقد أجمعُوا أنَّهُ لو نزَعَ خُفَّه، ثمَّ أعادَها، كان لهُ أن يمسحَ (٢).

قال أبو عُمرَ: قد بَقِيت أشياءُ من مسائلِ المسح، لو تَقصَّيناها، خَرَجنا عن شَرْطنا في تأليفنا، وبالله توفيقُنا.

وفي هذا الحديث أيضًا من الفقهِ: أنَّهُ من فاتهُ شيءٌ من صلاتِهِ مع الإمام، صلَّى معهُ ما أدركَ، وقَضَى ما فاتهُ. وهذا أمرٌ مُجمعٌ عليه.

وفيهِ: أنَّ الرَّجُل العالمَ الخَيِّرَ الفاضلَ، جائزٌ لهُ أن يأتَمَّ في صلاتهِ بمن هو دُونه. وأنَّ إمامةَ المفضولِ جائزةٌ بحَضْرةِ الفاضل، إذا كان المفضُول أهلًا لذلكَ.

ولا أعلمُ أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى خلفَ أحدٍ من أُمَّتهِ، إلّا خلفَ عبد الرَّحمنِ بن عوفٍ، واختُلِفَ في صلاتهِ خلفَ أبي بكرٍ.


(١) انظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٤١، والاستذكار ١/ ٢٢٥.
(٢) انظر: الاستذكار ١/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>