للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسنُبيِّنُ ذلكَ في بابِ صالح بن كَيْسانَ، من كِتابِنا هذا، إن شاءَ الله تعالى.

وقد أوْرَدنا في هذا البابِ ما فيه بيانٌ لمن تَدبَّرَ، وحسبُكَ بتَوْهينِ ظاهِرِ حديثِ عائشةَ، وخُرُوجِهِ عن ظاهِرِهِ، مُخَالفتُها لهُ، وإجماعُ جُمهُورِ فُقهاءِ المُسلِمينَ، أنَّهُ ليسَ بأصلٍ يُعتَبرُ في صلاةِ المُسافِرِ خلفَ المُقيم.

ومن الدَّليلِ أيضًا، على أنَّ القصرَ في السَّفرِ سُنَّةٌ وتَوْسِعةٌ، وإن كانَ ما ذكَرْنا في هذا البابِ كافيًا، حديثُ يعلَى بن أُميَّةَ، عن عُمر بن الخطّابِ.

حَدَّثَنَا عبدُ الوارِثِ بن سُفيانَ، قالْ حَدَّثَنَا قاسِمُ بن أصبغَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بن وضّاح، قال: حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شَيْبةَ، قال (١): حَدَّثَنَا عبدُ الله بن إدريسَ، عن ابن جُرَيج، عن ابن أبي عمّارٍ، عن عبدِ الله بن بابَيْهِ، عن يَعْلَى بن أُميَّةَ قال: سألتُ عُمرَ بن الخطّابِ قلتُ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ١٠١]، وقد أمنَ النّاسُ؟ فقال: عَجِبتُ مِمّا تَعْجَبُ منهُ، فسألتُ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلكَ، فقال: "صَدَقةٌ تَصدَّقَ الله بها عليكُم، فاقْبلُوا صَدَقتهُ".

وهذا كلُّهُ يدُلُّ على أنَّ القَصْرَ سُنَّةٌ وتَوْسِعةٌ، وكذلكَ قال ابن عُمرَ، وابنُ عبّاسٍ، وعَطاءٌ، وعَمرُو بن دينارٍ، والقاسِمُ بن محمدٍ، كلُّهم قال: سُنَّةٌ مَسْنُونةٌ، ولم يَقُل واحِدٌ منهُم: إنَّها فَرِيضةٌ، وقد ذكرنا الأخبارَ عنهُم فيما تقدَّم من هذا البابِ، فتدبَّر.

ومعلُومٌ أنَّ الصَّلاةَ رُكنٌ عظيمٌ من أرْكانِ الدِّينِ، بل هي (٢) أعظمُ أرْكانِهِ بعد التَّوحيدِ، ومُحالٌ أن يُضافَ إلى أحَدٍ من الصَّحابةِ الذينَ أتمُّوا في أسْفارِهِم،


(١) في المصنَّف (٨٢٤٣). ومن طريقه أخرجه مسلم (٦٨٦)، وابن ماجة (١٠٦٥). وقد سلف تخريجه في هذا الباب.
(٢) قوله: "هي" سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>